متاح الآن

الخونة الأراذل

 


الدكتور أحمد الصاوي 

كلما تمعنت في المغزى وراء دعوات متكررة لإعادة الاعتبار للرموز الاستعمارية في مدينتي بورسعيد وتتبعت السير الشخصية للذين يروجون لذلك بإصرار لا يلين عبر عدة مسارب وفي مناسبات مختلفة كلما ازددت يقينا بأننا أمام أفعال "الخيانة الوطنية" بالمعنى المادي المجسد ولو ظن البعض أن تلك الدعاوى تصدر بدون "حث وإلحاح بل وتخطيط خارجي" فذلك حسن ظن من النوع  الذي يفرش الطريق المفضي بسالكيه إلى قعر جهنم.

دع عنك أنك لن تجد "أمة" على وجه الأرض متورطة في تمجيد جلاديها اللهم إلا تلك الزمرة من الذين استخفهم الجهل للمضي قدما في درب التنكر ليس فقط لحقائق ووقائع التاريخ بل ولتضحيات ودماء بني وطنهم وجلدتهم.

من المؤسف حقا أن يتورط أحد قادر على القراءة الرشيدة في إتيان المنكرات الوطنية تحت زعم بذئ وفاجر بأن في ذلك احترام للتاريخ أو تسويغ إتيان هذا المنكر بمصالح اقتصادية مفترضة من عندياتهم دون علم باقتصاد أو حتى بسوق السياحة العالمي الذي لا توجد به خانة لسياحة التماثيل مطلقا البتة.

دعوات من هذا النوع إذا ما جردتها من أغلفة تبريراتها الكاذبة من قبيل احترام التاريخ الذي لم يقرأه أحد منهم من مظانه العلمية ووثائقه الدامغة ولا حتى من كتب مقررات التاريخ المدرسية أو من نوع الوعود الكذوب بتدفق السائحين أرتالا لزيارة تماثيل اعتيادية لرموز مرحلة الاستغلال الاستعماري لبلادنا

إذا ما جردت تلك الدعوات من مبرراتها ستجد نفسك أمام حقيقة تستحق أن نقف عندها ونناقشها فذاك هو مربط الفرس.

ببساطة تنطلق كل الدعوات من "تجريم" مقاومة مصر في بورسعيد للعدوان الثلاثي فذلك جرم ينبغي أن نعتذر عنه وآية هذا الاعتذار إعادة نصب تمثال دلسبس ونصب الجندي المجهول لضحايا الحرب العالمية الأولى من جنود أستراليا ونيوزلندا وكلاهما حطمته غضبة المقاومة الشعبية والأهالي إزاء عدوان ثلاثي صب مدافع أساطليه ودباباته وطائراته على بورسعيد

يذهب بعض هؤلاء في تمهيد نيراني لهذه الدعوات إلى حد تكذيب أعمال المقاومة الشعبية والتشكيك فيها والتسفيه منها وهذه أمور لا يمكن فصلها عن مجمل الهدف الفعلي وهو تقديم الاعتذار التاريخي للاستعمار وإعلان الاستسلام له والتوبة مستقبلا عن مقاومته ونحن حرفيا في مواجهة إحدى حلقاته الأكثر تدميرا ووحشية وهي تحدق بكل حدود مصر شرقا وغربا وجنوبا وشمالا.

لن أخوض في أحاديث عن دلسبس حسمتها كتب ودراسات تاريخية أكاديمية بلغات عدة فذلك ليس أصل الموضوع

جذر القصة هو المقاومة الشعبية في بورسعيد بكل وقائعها وأبطالها وشهدائها وضحاياها من البشر والحجر

هل كانت المقاومة وهما وسرابا وقوات الاحتلال غادرت لأن أمريكا أرادت ذلك؟

هل أخطأت المقاومة والأهالي بنسف تمثال دلسبس ثم تحطيم تمثال الجندي الأسترالي النيوزلندي؟

من لديه الشجاعة عليه أن يجيب على تلك الأسئلة ابتداء بشرف إن كان لديه بقية منه.

ليست هناك تعليقات

نرحب دائما بتعليقاتكم