متاح الآن

الوثيقة الفكرية للناصريين

 الوثيقة الفكرية للناصريين

تلخيص للوثيقة



أسلوب تلخيص الوثيقة

1.    يعتمد أسلوب التلخيص علي الآتي :

o      عدم الأخلال بالنص الأصلي للوثيقة

o      التنوية بالرجوع للنص الأصلي في حالة الأشارة المختصرة لموضوع معين

o      التركيز علي المبادئ الناصرية واظهارها

o      تقديم الوثيقة في صورة نقاط رئيسية يسهل تذكرها

o      ترتيب الموضوعات زمنيا

o      وضع المصطلحات اسفل الملخص

o      ارفاق الوثيقة الأصلية علي ال سي دي الذي يحوي الملخص للرجوع إليه

كيفية نشر الملخص والوثيقة

o      ادخال موضوعاتها ضمن برامج تثقيف الشباب والكادرالناصري

o      النشر في صورة مقالات كل موضع علي حده (في الصحف ووسائل الأعلام )

o      عمل ندوات للتذكير بمحتويات الوثيقة في اماكن متعددة وعلي فترات زمنية متساوية

o      توفير الأقراص المدمجة التي تحتوي علي  الوثيقة مع برامج ناصرية اخري حسب مساحة القرص

o      فتح حوارات مع التيارالناصري كل في موقعه لمناقشة موضوعات الوثيقة حتي تستقرفي وجدان كل الناصرين لتشكل وحدة فكرية للجميع

o      نشر ابواب من الوثيقة بصفة دورية في الموقع الإليكتروني للمؤتمر

                          كيفية جعل الوثيقة اساس فكري لكل الناصريين

1.     لقد تمت الوثيقة بجهد عدد كبيرمن المفكرين والمشاركين من الناصريين

2.    لقد تم الموافقة عليها في المؤتمرالناصري العام

3.    الفئات المستهدفة للتوحيد الفكري

-        الحزب الناصري – حزب الكرامة  - حزب الوفاق – لجنة تخليد عبد الناصر – المحامين الناصريين  -- المؤتمرالناصري العام – حزب مصر العربي الإشتراكي

 

الإطــــــــار العــــــــام للوثيقة الفكرية

 

يدعو هذا المشروع إلى بناء وثيقة فكرية تعبر عن المنطلقات النظـرية للناصريين ، وتسمح لهم بمواصلة وتصعيد نضالهم ، في إطار رؤية مستقبلية لإنجاز المشروع النهضوي العربي الذي أقـام جمال عبد الناصر مرتكزاته الأساسية الأولى  .

ويأتي هذا الجهد الفكري في ظل ظروف صعبة تمر بها الأمة العربية ، حيث يحاصرها أعداؤها من جميع الاتجاهات ، وحيث سلم النظام الإقليمي العربي بالعجز الكامل ، وحيث انحسر تأثير القوى السياسية المختلفة على الشارع . وليس هناك مجال للجدل في أن هذا الحال قد آل بالأمة بـفعل مسيرة الردة التي أعقبت رحيل القائد ، والتي سلمت مقدرات هذه الأمة إلى أعدائها ، وأعادت ترتيب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي بما يخدم أهداف الإمبريالية الأمريكية والعدو الصهيوني .

وعلى الرغم من أن هذا الواقع المستسلم المنهزم ، قد كشف عن أن المشروع الناصري هو مشروع التصدي والتحدي الذي تتمسك به القاعدة العريضة من جماهير الأمة ، إلا أن التيار الناصري لم يستطع استعادة زمام المبادرة ، كما أن الكادر النخبة ضمن هذا التيار لم يتمكن من تحمل مسئولياته على الوجه الواجب . لقد أصاب هذه النخبة ما أصاب غيرها من الوقوع في براثن التعددية الحزبية المزيفة ، ومن انقسام وتشرذم ، سواء على المستوى القطري أو القومي. نعم الناصرية هي مشروع الأمة للنهضة والتـقدم ، ولكن الناصريون يعيشون المأزق.

يدعو هذا المشروع الناصريين إلى التفاعل والحوار حول الموضوعات التي يتضمنها من أجل التوصل إلى وثيقة فكرية تواكب المتغيرات الدولية والمحلية ، وتقدم تصوراً مستقبلياً يلتقي عليه الناصريون فكراً وتنظيماً وحركة.

 

الباب الأول

التجربة الناصرية في الحكم

الفصل الأول: ثورة يوليو والنضال ضد الاستعمار

أعلى النموذج

الفصل الثاني: التنمية الشاملة في المشروع الناصري

أسفل النموذج

الفصل الثالث: التوجه القومي لثورة 23 يوليو وتطوره

الفصل الرابع: الديمقراطية والتنظيم السياسي

 

                                                   ثورة يوليو والنضال ضد الأستعمار

 

1.    مركزية هدف محاربة الاستعمار (أن الشعوب لا تستخلص إرادتها من القوى الاستعمارية لتضعها في متاحف التاريخ وإنما لتضع بها المستقبل)

2.  أن جلاء قوات الاحتلال هو ضمانة أولية لتجسيد معنى الاستقلال الوطني . وبدون ذلك يكون الحديث عن السيادة الوطنية والاستقلال مجرد لهو وعبث بأماني الشعوب . لقد كان إيمان الثورة راسخاً بهذه الحقيقة ، ليس فقط في مجال تقييم الميثاق الوطني لتجربة النضال العربي ضد الاستعمار ، ولكن قبل ذلك وبعده في ساحة العمل النضالي  عـلى الأرض.

3.  أما المبدأ الثاني .. فقد كان جوهرة عدم الفصل بين هدف جلاء قوات الاحتلال وبين تصفيه الآثار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي نجمت عن آليات الظاهرة الاستعمارية.
ولقد عبرت الثورة في يومها الأول عن فهم أولى لهذا المبدأ عندما ربطت بين القضاء على الاستعمار وبين تصفية أعوانه في الداخل .

4.    لقد كانت ريادة الثورة حاسمة في التحليق بمفهوم الاستقلال الوطني من قاعدة تحرير التراب الوطني من قوات الاحتلال ، إلى  آفاق تحقيق السيادة الفعلية على المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، سعيا لاستخلاص الإرادة الوطنية من سيطرة الهيمنة الإمبريالية

5.  ولقد برهنت التجربة الثورية على أن التنمية ليست فقط سبيلاً لمغالبة التخلف الذي أورثه الاستعمار لبلدان العالم الثالث .. وإنما هي أيضاً الضمان الإستراتيجي لفعالية مقاومة الظاهرة الاستعمارية في تجلياتها الإمبريالية والإمبراطورية الجديدة .

6.  وإذا كان الاستعمار القديم قد لجأ إلى  الاعتماد على شريحة اجتماعية ضئيلة لم تجاوز النخب الحاكمة والمالكة للثروة فيما سمي بمجتمع النصف في المائة ، فإن تجربة ثورة يوليو قد سعت بالمقابل إلى  توسيع قاعدة المستفيدين من الحكم الثوري الجديد ، واستعـانت بإجراءات مختلفة لتحقيق هذا الغرض . بدءاً بتدعيم الدور الدفاعي للدولة لحماية الاستقلال الوطني ، وتضخيم دور الدولة الإنتاجي ووظيفتها الاجتماعية ، وصهر القوى الاجتماعية وتذويب الفوارق بين الطبقات ، مروراً بتوسيع قاعدة الملكية في الريف والحضر على حد سواء ، وانتهاءً بإعطاء أولوية مطلقة للتعليم المجاني بمراحله المختلفة وضمان تحقيق تكافؤ الفرص وفقاً لمعايير الكفاءة في الانتقال بين هذه المراحل ، إذ كان ذلك ملمحا رئيسياً في هذا التوجه بوصفه إسهاما حتمياً في بناء الدولة الحديثة وبناء الكوادر ، وضمانه كبرى لاستمرار الحراك الاجتماعي وسلاسة الانتقال من قوى اجتماعية إلى  أخرى كجزء من جهود تصفية البنية الاجتماعية القديمة بحلول سلمية تدريجية .

7.  وفي إطار هذا المبدأ لم تتوان ثورة يوليو ، رغما عن معاركها ضد الاستعمار ، وضيق قاعدة الموارد المتاحة ، وحاجة خطط التنمية لهذه الموارد ، لم تتوانى الثورة عن مد يد العون للدول المستقلة حديثاً ولحركات التحرر التي تناهض الاستعمار، في مجال إعداد نخبها وكوادرها لمرحلة الاستقلال .

8.  إن الظهور القوى للتيارات المعارضة للنخب الجديدة المعبأة بثقافة ومقولات الاستعمار الكوني، والمرتبطة مصلحياً وعضوياً بآلياته الاقتصادية وأهدافه الإستراتيجية ، إنما هو برهان تاريخي على مدى التأثير الذي تركته مبادئ ثورة يوليو على طريق نضال الشعوب لهذا الاستعمار ، وعلى بعد نظرها ووعيها العميق بدروس النضال الإنساني .

9.  وثالث المبادئ التي ارتكنت إليها ثورة يوليو في مناهضتها للاستعمار العالمي ، كان ذلك الإيمان الراسخ بأن المواجهة مع القوى الاستعمارية إنما هي مواجهة إنسانية شاملة ، تستدعى وجود نوع من الوحدة بين المناضلين على امتداد العالم . لقد كانت نقطة الانطلاق في تبنى هذا المفهوم وليدة الإحساس بوجود مصر في حالة تفاعل داخل الدوائر الثلاث الأساسية التي تحدث عنها قائدة الثورة في " فلسفة الثورة " وهي الدائرة العربية والدائرة الإفريقية والدائرة الإسلامية . وسرعان ما ازدادت المجالات رحابة لتشمل كل بقعة يهيمن عليها الاستعمار ولو كانت هذه الهيمنة بغير قوات احتلال عسكري .

10.          إن جوهر سياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز التي صيغت في المبادئ العشر للسلام المعروفة بإعلان باندونج، إنما كان البحث عن أرضية مشتركة بين الدول حديثة الاستقلال ، مع اختلاف توجهاتها ومصالحها الوطنية، تدعم عبرها استقلالها الوليد وتجعل منها أداة لضمان تصفية العلاقات الاستعمارية ، وعدم استبدال الاستعمار التقليدي بهيمنة جديدة لا تختلف في حقيقتها عن هذا الاستعمار .

11.          وفي إطار هذا الفهم العميق للترابط بين التحرر من الاستعمار وبين هدف الوحدة ، انطلق أداء ثورة يوليو منذ فجرها الأول لدعم حركة التحرر الوطني في الأقطار العربية ، تفاعلا مع حركة الجماهير العربية المنطلقة للنهوض والأمن والوحدة ، لكنه في تفاعله هذا لم يتوقف عند شكل واحد من أشكال العمل ، فـقد اجتهد للحفاظ على الهدف ، وتراوح في أساليب العـمل ومقتضياته، وكثيرا ما اصطبغت جهود وأشكال التوحد بأردية مقاومة الاستعمار وتهديداته ، كما في الاتفاقات الثنائية المشتركة مع عدد من الدول العربية ، بل أن الوحدة المصرية – السورية ذاتها إنما تمت في عام 1958 عقب تحرك القوات المصرية إلى  الحدود السورية الشمالية لحمايتها من غزو تركي محتمل .

12.          لقد رأت الثورة في  الكيان العنصري الصهيوني سوطا في يد الاستعمار يلهب به ظهر النضال العربي ، وأن وجوده في فلسطين إنما يستهدف لاعتبارات سياسية استعـمارية الفصل بين جناحي الأمة العربية في المشرق والمغرب .

13.          قد دعمت الثورة الاتجاهات الرافضة للانضواء تحت لواء الاتحاد مع فرنسا في المغرب العربي، ورفضت الانضمام لحلف بغداد ، بل وقادت الشعب العربي لرفض سياسة الأحلاف التي كانت بابا خلفيا يضمن عودة الاستعمار إلى  المنطقة تحت زعم مقاومة الزحف الشيوعي الأحمر .

14.          لقد أصبحت تجربة الثورة ونضالها ضد الاستعمار، بكل ما تضمنـته من انتصارات ومن عثرات، مرجعاً ومعـياراً للتـقييم والقياس عند كل محنة ينـزلها الاستعمار بالشعوب المستضعفة ، كـما كانت

ترجمة خلاقة على الأرض لسعـى الإنسان الحثيث والمعـاند منذ الأزل لرفض القهر والتخـلف .. وإدراك التـقـدم .

الفصل الثاني

التنمية الشاملة في المشروع الناصري

لقد أدركت الثورة منذ البداية ذلك الارتباط العضوي والتلازم بيـن التحرر والتنمية ، وأن جوهراهما واحد ، وغـاياتهما واحدة . وأن تعـظيم عائديهما يتطلب إحداث تغيير جوهري في تنظيم المجتمع

فـقد خاضت الثورة معركتين : إحداهما معركة التنمية الشاملة ذاتها، والأخرى معركة صياغة النموذج التنموي المعـتمد عـلى الطاقات والموارد والإمكانات الذاتية ، وتـلك التي يمكن تبادلها تبادلاً متكافـئاً مع الغير . ولم يكن من السهل علي الثورة أن تنجح في المعركتين دون وضوح في المنطلقات التي اعتمدتها للتنمية، والتي كان لها الفضل في تطوير النموذج التنموي الذي بدأ ينضج في العالم الثالث ، بـل ويؤثر في النظام الاقـتصادي العالمي كله .

وقد فرضت عـملية إعـادة تـنظيم الهيكل الاقتصادي للمجتمع إجراءات بعـينها . كان منها إعادة توزيع الثروة العقارية ، التي أدى تركز امتلاكها إلى  سيطرة القلة العاطلة على الغالبية العاملة والمنتجة ، وإلى  ابتلاع الملكية العقارية للمدخرات الوطنية المحدودة ، والحيلولة دون توجهها نحو الاستثمار المنتج . وكان المجتمع المصري من النماذج الصارخة في العالم على مدى إضرار المضاربة العقارية بمسيرة التنمية .

وخلق المناخ الصالح للنهوض الاقتصادي وكفالة العدالة الاجتماعية وتسييد مبدأ " الكفاية والعـدل " . وهذا اقـتضى توسيع قاعدتي الإنـتاج والخدمات ، وتوفير ما عـجز أو امتـنع القطاع الخاص عـن توفيره ، سواء كان توفير الدعم للتصنيع والاقتصاد القومي ، أو كان توفير الخدمات الأساسية اللازمة لحياة المواطنين

واقتضى ذلك أيضاً التخطيط العلمي لاستغلال كافة الموارد الاقتصادية ومصادر الثروة في المجتمع إن مادية أو بشـرية . وقد تم ذلك بخبرات اقتصادية وطنية رفيعـة المستوى أدت أداءً عـالياً في مجالات التخطيط والتـنفيذ والمتابعة ، والتقويم والتصويب .

وقد تم إصدار التشريعات اللازمة لاجتذاب رأس المال الأجنبي للمساهمة في التنمية الإنتاجية   

·       إصلاح النظام الضريبي ،

·       انطلاق " التصنيع الحربي " الذي تميز بالتكامل الفني والتميز النوعي . والذي توسع ليدخل في ميادين الإنـتاج المدني .. ويفتح بذلك الطريق أمام الدخول في الصناعـات الهندسية المتطورة ، وكانت تلك المصانع والصناعـات مدارس هامة لتربية لكادر الفني في العملية الإنتاجية ذاتها ، كما أسهمت في تدريب أعداد كبيرة لتولى المسئوليات الفنية والإدارية العليا في مختلف مجالات الإنتاج والخدمات

ولم تكن المنظومة المعـادية لمشروع " النهضة بالتـنمية " لتـرضى عـن ذلك أو تـقبله . فسحبت الولايات المتحدة الأمريكية ثم البنك الدولي للإنشاء والتعـمير العرض الذي قدم لتمويل بناء السد العالي 

ظل رأس المال الأجنبي محجما عن الاستفادة من جميع التيسيرات التي منحت له ، أما البنوك الأجنبية فإنها إلى  جانب عدم سعيها إلى  تمويل الصناعة، فإنها كانت تميز الأجانب على المصريين في المعاملة ومنح القروض .

وجاء الـرد من مصر الثورة بتأميم شركة  قـناة السويس في يوليو 1956

خطة قومية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل من إقليمي الجمهورية العربية المتحدة مدتها خمس سنوات

توسيع نطاق النشاط الإنتاجي الذي تتولاه الدولة عن طريق التأميمات التي أريد بها حماية مدخرات الشعب وتعزيز مكتسباته ، 

إحداث تحول اجتماعي شامل ساهمت في صياغته مختلف فئات الشعب العاملة من خلال ميثاق العمل الوطني

وحدد بدقة معـالم المجتمع الاشتراكي  وعرفه بأنه مجتمع الكفاية والعدل ، مجتمع العمل وتكافؤ الفرص ، مجتمع الإنتاج والخدمات .

انتهاج التخطيط الاشتراكي  الكـفء ، الذي يقود عملاً علمياً منظماً ، ويواجه التحديات المفروضة ويتعـامل معها عـلى المدى القريب والبعـيد . ويقدم حـلاً " للمعـادلة الصعـبة " المتمثلة في كيفية زيادة الإنتاج وفي الوقت نفسه زيادة الاستهلاك من السلع والخدمات ، مع استمرار التـزايد في المدخرات الوطنية من أجل تمويل الاستثمارات الجديدة

 

أن التحدي الخارجي قد بلغ ذروته بتدبير عدوان 1967 تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية ، التي عقدت العزم على إجهاض التجربة الاشتراكية ، حتى لا تنتشر عدواها إلى  دول أخرى عديدة ، كان للثورة الدور الأساسي في دعم كفاحها من أجل التحرر من الاستعمار والهيمنة .

ولقد ظهرت عدة مشاكل سعت الخطة الخمسية الثانية إلى  معالجتها . فقد شهدت فترة تنفيذ الخطة انفصال الإقليم الشمالي  ، وأعباء حرب اليمن ، إضافة إلى  آثار التغيرات الهيكلية الاقتصادية التي ترتبت على صدور القرارات الاشتراكية وفي مقدمتها زيادة معدلات الاستهلاك، مما أدى إلى  تحول الفائض المحدود إلى  عجز بلغ الذروة في السنة الرابعة من الخطة ثم تراجع ، وإن ظل كبيرا في السنة الخامسة .

بناء مفهوم للتنمية تكاملت أبعاده في النقاط العشر التالية

·       تغييرالهياكل الأقتصادية التي بنيت في عهد الأستعمار، كلها أدوات عدوان سعت إلى  تحجيم إرادة التنمية الوطنية المستقلة . ( رفض الغرب تسليح الجيش المصري – رفض تمويل السد العالي – العدوان الثلاثي – دفع سوريا للأنفصال عن مصر – عزف رأس المالي الأجنبي عن الأستثمار في مصر -  تسيس قرارا ت المؤسسات المالية الدولية )

·       كان من الضروري أن تكون التنمية عضداً للتحرر الوطني تفرضها إرادة وطنية بالاعتماد على النفس

·       أخذت التجربة بمنهج اقتحامي لا انطوائي ، سعت من ورائه إلى  التأثير في البيئة الدولية على نحو يزيد من قدرتها على تحقيق أفضل شروط للتنمية المنشودة

·       اختار نموذج التنمية الناصري الإنسان موضوعا للتنمية وهدفاً لها يعلو فوق السلع والخدمات ، واعتبر

·       تم تحديد أهداف التنمية علي النحو الذي يلبي الحاجات الأساسية للجماهير والانحياز لها،

·       إلقاء مسئوليات إضافية علي الدولة تتجاوز مسئولياتها عن الإدارة اليومية لشئون المجتمع  (في توجيه مسار التنمية ، وما يتطلبه من سياسات وإجراءات وتشريعات - قيامها مباشرة ببعض النشاطات )

·       قيام الدولة بدور رئيسي في عملية التنمية يعني سيطرة كاملة علي شئون التنمية فيما يطلق عليه الآن اسم " النظم الشمولية ".( وقد أخذت التجربة بمركزية التخطيط ولامركزية التنفيذ)

·       هو تأكيد ملكية الشعب لوسائل وأدوات الإنتاج .

·    أساليب تحليل علمية قادرة على تشخيص الحاضر، واستكشاف مشاكله، والتعرف على ما هو متاح من موارد وإمكانات ومعرفة ، وقادرة على التنبؤ بتوجهات المستقبل وما تنطوي عليه من مصادر قوة أو أسباب ضعف ، بما يعني استخداماً وافياً لأساليب التحليل العلمي والتنبؤ وأساليب اتخاذ القرار على المستويات المختلفة .

إن عمق وتشابك قضايا التنمية ، وأخذ التنمية القومية ذاتها بالأسلوب العلمي، قد أوجب النهوض بمستويات الإدارة العليا والوسطى ، فكان من أهم ثمارها المعاهد والهيئات القومية للإدارة والتخطيط والبحوث .. إلى  جانب النهوض بمتطلبات التدريب ورفع الكفاءة المهنية ، وتحقيق ديمقراطية المعرفة من خلال جعل التعليم بجميع مراحله حقا مجانياً للجميع

 

الفصل الثالث

التوجه القومي لثورة 23 يوليو وتطوره

مثلت ثورة يوليو بقيادة جمال عبد الناصر نقلة استراتيجية هائلة في حركة النضال القومي العربي ، ولقد تحققت هذه النقلة النوعية من خلال إنجازات أساسية

·    حسم عروبة مصر وتصحيح المعادلة المختلة التي كانت سائدة ( عروبة بلا مصر، ومصر بلا عروبة ! )

·       وفرت للدعوة القومية وحركتها إقليمها القاعدي المطلوب والذي كان مفتقداً

·    وفرت للحركة القومية القيادة التاريخية المؤهلة للزعامة والتي استقطبت الأغلبية الساحقة من الجماهير العربية على امتداد الوطن العربي بأسره .

·    نقلت الدعوة القومية من مجال النخبة الضيق لتصبح مطلبا جماهيريا بطول الوطن العربي وعرضه.

·    أعطت للقومية العربية مضامينها الاجتماعية والتحررية بعد أن كانت دعوة مثالية مجردة , وربطتها ببقية أهداف النضال العربي ربطا جدليا .

·    بينت العلاقة الجدلية التكاملية بين العروبة والإسلام بعد أن حاولت القوى المضادة وضعـهما في تضاد مصطنع .

·    نقلت القومية العربية من المجال النظري المجرد إلى  حيز التطبيق العملي ، من خلال التجارب الوحدوية التي أنجزت والمعارك التي تم خوضها .. بغض النظر عن النجاح أو الفشل.

الفصل الرابع

الديمقراطية والتنظيم السياسي

·       واضحاً انحياز الثـوار لقضية محـددة هي العـدل الاجتماعي ، والإصـرار عـلى أن يكون هـو المنتج الرئيسي لذلك العـمل الثوري .

·       دفع الطبقات والفـئات الشعـبية إلى  ساحة المشاركة السياسية ، ونقـل السلطة إليها تدريجـياً .. والاندفاع في مشاريع التـنمية ، التي هي الشرط الحاكم لتحقـيـق ديمقراطية اجتماعية

·       التـنظيم السياسي المعـبـر عـن قـوى الشعـب مـسألة حـتمية ،

·    الديمقراطية هي وسيلة لتحرير الإنسان ، وامتلاكه لحريته وقـوتـه وأرادته كحـقوق طبيعـية .. ووسيلة تساعـده عـلى العـمل والإنتاج والتطوير والإبداع .. وبـنـاء مجتمعـه بشـكل أفضـل ، ومن ثـم تجعـله قادراً عـلى صيانة ذلك والدفـاع عـنه .

·       الرفض الواضح والمعـلن للأشـكال الديمقراطية الغـربية

بدأ ت الثورة بتنظيم الضباط الأحرار   ثم دعوة الأحزاب السابقة ان تتولي المسئولية السياسية علي المبادئ الستة للثورة فرفضت فما كان من الثورة الا ان أسست هيئة التحرير لتحقق مجموعة من الأهداف من بينها : :

·    أنـشـاء تـنـظـيم سياسي هـدفه توحـيد المجتمع وتـنـظـيمه ليواجـه معـاركه السياسية ونضالا ته من أجـل تطويـر بـلاده .

·       تجاوز الأحزاب القائمة .. وإجراء اتصال مباشر مع الجماهـيـر .

·    استدعاء الجماهـير إلى  حلبة العـمل السياسي ووضعـها مباشرة أمام مهامها النضالية وفي مواجهـة كـل أعـدائها .

·    تـثـويـر الجماهـير عـبـر عـملية توعـية لعـلـها الأضـخـم في تاريخ مـصر .. وتحـول قـادة الثـورة إلى  دعــاة ومبشريـن ومحرضيـن في حمـلات شملت كـل مـصر .

·    محـاصرة الاحتلال البريطاني ، والمفاوض البريطاني والضغـط عـليه ، كي يـدرك أنه أمام وضـع جـديد باتـت فيه الأحـزاب السياسية العـميلة والضعـيفة خـارج المعـادلة الوطـنية .. ولم يعـد لـه نصيـر خاصة بعـد طرد الملك .

·       مساندة العـمـل الفدائي وحمايته بعـمـق شعبي حـاضـن ، وقـاعـدة داعـمة ومؤيـدة .

وحـدث تأميـم قـناة السويس ، وإسقاط " دولة شركة قـناة السويس الأجنـبية " .. وردت القـنـاة إلى  السيادة الوطنية . ووقع العـدوان الثلاثي عـلى مصر .. وبدأت الثـورة درباً جديداً عـلى طريـق التمصـيـر .. وأصبح هـناك وضعاً سياسياً واجتماعيا جديـداً ، لابـد أن يواكبه ويعـبـر عـنه تـنـظـيـم جـديـد .

ثـم صــدر القانون الأساسي للإتحـاد القومي الذي كان يتبنى إستراتيجية بناء مجتمع اشتراكي ديمقراطي تعاوني

الإتحـاد الاشتراكي  العربي :

حـيـن أدركت قيادة الثـورة ضرورة الاعتماد على القوى الشعبية لإحداث التـنمية .. استمر صـدور القرارات الثورية التي ترتب عليها نقـل الثروة والسلطة للطبقات والقوى الشعبية صاحبة المصلحة فيها . وقـد أدى ذلك بالطبع إلى  ضرورة ميلاد تـنظيم جـديد يعـبـر عن المرحلة الجديدة

·       اتحاد يقود العمل السياسي ويوجهه عن طريق الالتحام بالجماهير والتعرف على احتياجاتها ، والتأثير بذلك على سلطة الدولة عن طريق المنتمين للتـنظيم داخل أجهـزة الدولة .

·    هـو تـنظيم للمجتمع لا تـنظيم للدولة أو الحكومة .. ومنبر عـام للتعـبـير عن مطالب المواطنين .. ومنبر تــتصارع فيه الآراء والرؤى للوصول إلى  أكثـر المواقـف والقرارات تـقـدماً .

ولما كانت عضوية التـنظيم اختيارية ومفتوحة لجميع المواطنين .. فإن ذلك من شأنه أن تصبح العـضوية العاملة في التـنظيم مرادفة لتمتع الفرد بحقوقه السياسية . ولأنه تـنظيم جماهيري واسع فـقد استـلزم ذلك وجود جهـاز سياسي قادر داخلـه ( التـنظيم الطليعي ) يستـطيع أن يقـوده كـتـنظيم فـاعـل بيـن الجماهـير ، ومؤثـر على سلطة الدولة . إنه تــنظيم قائــد داخل الإتحاد الاشتراكي  ، ويعـتـبر العـصب الضابط لـه ، قـوامه كوادر واعية ومنـتمية وقادرة على الإقـناع وتـقـديم القـدوة ، وعلى خدمة أهـداف التـنظيم ولصالح الجماهير ، ولا يشترط أن يكون هـؤلاء الكوادر متواجدون داخل المستويات التـنظيمية المنـتخبة .

مـنظـمة الشباب الاشتراكي  العربي - الهدف منها –

·    ضرورة وجود جيـل جديد ، يقود الثـورة في جميع مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. أكثـر صلابة من جيـل سـبق وأكثـر طموحاً من جيـل سـبق

·    تـنظيم التربية السياسية للشباب وتـدريـبهم تدريباً متعـمداً ومقصوداً عـلى مجالات العـمـل الأساسية : الفـكرية والتـنظيمية والحـركـية

اخذعلي منظمة الشباب

·    إنشاء أي تـنظيم سياسي تحت جناح السلطة لهو سبب مساعـد في نشوء انحرافات وحالات نـفـاق وانـتهـاز ، وحالات خلاف واختلاف خارج الأسس الموضوعـية

·    توجساً من الكبار نـشأ مع تـشكيل منظمة الشباب (أن الطبيعي هـو أن يقود التـنظيم الطليعي الإتحاد الاشتراكي  ، وأن يقود الإتحاد الـمنـظمة .. إلا أن المنظمة كانت هي الأقوى بحيوية الشباب وجرأته في اقـتحام المناطق الساكنة ، وبفعـل التربـية السياسية العـلمية التي كانت تـتم .. وبذلك بـدا هـرم القيادة بين التـنظيمات الثلاثة كأنه مقـلوب )

·    إن عـدم الوضوح الدقيـق لتعـريف العـامل والفلاح ، سـاعـد في تسرب أعـداداً من غـير الفلاحين والعـمال إلى  تـشكيلات كل من التـنظيميـن

أن الثورة إمـا أن تـقوم بها الكتـلة الجماهـيـرية في زحفها العارم والشامل ، فـتمتـلك بذلك السلطة والثروة .. وإما أن تـقودها طليعـة ثورية تستولي على السلطة لـتـنقـل بها الثروة للجماهـير ، وتـلك عـملية كبيرة وشاملة ومعـقـدة .. وإلى  أن تستـقر ، وتخلص من مواجهة كل أعـدائها ، فإنها لا يمكن أن تـتسع لمقولات وطـقـوس الديمقراطية الغـربية .. مهـما كان طلاؤها بـراقاً ، وشكلها خاطـفاً للـبـصـر .



   الباب الثاني

درس الـــــــــردة

·       لم يكن ما جرى في 15 مايو 1971 ، ثورة تصحيح كما حاول السادات ونظامه أن يصوروه ، كما لم يكن أيضاً " إنقلاب قصر " أطاح فيه فريق من نخبة الحكم التي خلفت عبد الناصر بفريق آخر ، وإنما كان بمساره ونتائجه ، ردة وانقلابا على مبادئ ثورة يوليو ، وانتكاسة كبرى في نضال الأمة العربية وزحفها نحو غاياتها في الحرية والاشتراكية والوحدة .

·    حقيقة أن الردة التي قادها السادات ما برحت تفرض نفسها بمفرداتها الاجتماعية، وخياراتها السياسية، وبما روجت له من دعاوى اقتصادية ، بل وبما دشنته من تبنى خيار السلام الاستراتيجي كسبيل نهائي لمعالجة العدوان الصهيوني على الأرض العربية. ما برحت هذه الردة تتحكم بمقولاتها وبنتائج عملها في السياسات التي تنتهجها الحكومة. وإلى أبعد من ذلك ، فإن تداعيات الردة لم تقف عند الحدود الإقليمية لمصر وإنما تجاوزتها بحكم حقيقة الوجود العربي الواحد ، إلى مجمل النظام الإقليمي العربي ، الأمر الذي يعطى لمحاولة فهم دروس الردة أهمية مضاعفة لاشك فيها .

·    وفي سبيل بلوغ هذه الغاية ، كان على نظام السادات أن يتخلص من العلاقات التقليدية الوثيقة التي تربط مصر بالاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، وأن يصفي التجربة الاشتراكية في مصر بكل ما حققته من تنمية اقتصادية ومكتسبات شعبية ويعود بالبلاد إلى حظيرة الاستعمار ، وقبل ذلك وبعده ، أن يرضى بحل سلمى منفرد مع الكيان الصهيوني يخرج مصر من الصف العربي ، ويفرض عليها عزلة عربية تبدد مخاوف الدوائر الاستعمارية من قيادة مصر للمنطقة باتجاه تحقيق وحدتها السياسية والاقتصادية . لقد كان المطلوب دون مبالغة ، هو الانقلاب على التاريخ ، ونحر الذات العربـية قرباناً على مذبح الرضاء الأمريكي .

·    ومنذ بدايات استقطابه لتيار الإسلام السياسي ، ظهرت مخاطر لا سبيل لتجنبها . فمن ناحية حدثت عدة احتكاكات طائفية في " الخانكة والزاوية الحمراء " مما اضطر السادات لاستصدار قانون حماية الوحدة الوطنية والتحذير من مخاطر الفتنة الطائفية . وما لبثت الخلافات أن طالت صفوف تيار الإسلام السياسي ذاته ، وبات واضحاً أن اتجاهاً راديكاليا داخله يعارض القيادات التاريخية ويرفض مهادنتها للنظام ، وطفق المتشددون يعبرون عن قناعاتهم بطرق لا تخلو من العنف . وكانت أنشطة جماعات منه كجماعة " التكفير

والهجرة " و "حزب التحرير الإسلامي ، نذيراً بما يمكن أن تنتهي  إليه تحالفات السادات ، الذي لم يدر بخلده أن مقتل وزيراً " للأوقاف والشئون الإسلامية " سيكون فاتحة لطوفان من العنف المسلح . إلى أن جرفه هذا الطوفان في حادث المنصة الشهير يوم 6 أكتوبر سنة 1981 .

·    وشهدت السنوات الأخيرة ميلاً واضحاً إلى تركيز النخبة بأيدي من آلت إليهم ثروة المجتمع . ولقد وجد هذا الميل أساساً في القضاء فعلياً على الفرصة المتكافئة في التعليم بمختلف مراحله ، باعتبار أن التعليم صار في ظل التطور التقني المتسارع البوابة الرئيسية للالتحاق بالنخبة. لقد جرى إتباع ذات النهج الذي تمت بواسطته عملية تدمير القطاع العام ، فجرى إهمال المدارس الحكومية وإبقاء رواتب المدرسين بها عند الحدود الدنيا ، ولم تواكب عمليات الإحلال والتجديد في المدارس المتطلبات الفعلية ، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كثافة الفصول وانخفاض مستوى العملية التعليمية وبروز نمط موازى من التعليم في صورة الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة بمختلف مستوياتها . وباتت تكلفة التعليم عبئا ثقيلا على الغالبية العظمى من الشعب وخاصة من الفلاحين والعمال وأبناء الطبقات المتوسطة من ذوى الدخول الثابتة والمحدودة . وحاولت القوى الجديدة إدخال تعديلات على نظام القبول بالجامعات ، بالدعوة إلى تبنى معايير أخرى غير مجموع درجات الطلاب لتأهيلهم إلى دخول الجامعات ، مثل الميول والإمكانات الذهنية .. الخ . فلما باءت تلك المحاولات بالفشل ، انتقلت عدوى التعليم الموازى إلى المستوى الجامعي فظهرت الجامعات الخاصة ، وأصبح بإمكان من قعدت بهم مواهبهم الشخصية عن اللحاق بمقعد دراسي بالجامعات الحكومية ، أن يصلوا بأموالهم إلى مقاعد مماثلة في الجامعات الخاصة .

·    وشهدت حقبة الردة أيضاً ، بروزاً واضحاً للدول الإقليمية المصطنعة ، التي راح قادتها من فوق آبار النفط يغذون النعرات العشائرية والإقليمية ، وينفخون في نيرانها سعياً لأن تطغى على حقائق الوجود العربي الواحد . واكتسبت سياسة المحاور زورا وبهتانا ، صفة مجالس التعاون الإقليمي ، وهو ما بدا واضحاً في مواقفها حيال القضايا المصيرية التي واجهت الأمة في العقدين الأخيرين.وتواكب ذلك مع تراخى مواقف الأنظمة العربية من الكيان الصهيوني ، ودخول عدة دول إلى مجال إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الكيان المغتصب .

وفي الوقت ذاته راحت الدول العربية ، النفطية الدائنة ، قبل المدينة ، تطبق سياسات الصندوق والبنك الدوليين في التثبيت الاقتصادي  والتكيف الهيكلي ، مما أدى إلى نشر الفقر وزيادة نسب تركز الثروة في أيدي قلة من أبناء المجتمع ، مع فتح الأسواق أمام كل ما هو مستورد بدءاً من السلع الغذائية والصناعية وانتهاء بقوى العمل الواردة من آسيا وشرق أوروبا .

وزاد الطين بلة انتشار الفساد المالي والإداري في أغلب الأقطار العربية حتى صار الفساد من الملامح المتكررة بتطابق فيها ، الأمر الذي أفضى إلى انفصال الجماهير عن النخب الحاكمة ، وسعى الأخيرة في مواجهة الغضب والسخط الشعبيين ، إلى محاولة جر الجماهير إلى معارك زائفة، بعضها إقليمي مع دول الجوار والبعض الآخر سياسى بالترويج لخرافات من قبيل التناقض بين القومية العربية والإسلام ، ولم يخل الأمر من اللعب بأوراق الطائفية والمذهبية بل القبلية والعشائرية .

لقد كان الانهيار شاملاً ومأساوياً في آن واحد ، ولكن تبقى أهم مردوداته الإيجابية في ذلك الوعي المتفجر بين الجماهير العربية بوحدة معركتها ضد نخب الحكم الفاسدة التي كشفت عن سوء مقاصدها وخبث تحالفاتها العلنية والخفية مع أعداء الأمة ، حتى بات الترابط مصيرياً بين أهداف الحرية والاشتراكية والوحدة .

 

الباب الثالث

نـظـرة مسـتـقـبـلـيـة

الفصل الأول: الـنـظــام الـسياسي العــربي

الفصل الثاني: نحو نظام اقتصادى تنموى عربى مستقل

الفصل الثالث: الحركة العربية الواحدة

الفصل الرابع: الرؤية الناصرية للصراع العربي الصهيوني

الفصل الخامس: الحركة الوطنية والقومية في مواجهة الهيمنة والعولمة

  الفصل الأول : النظام السياسي العربي

أن النظام السياسي هو المنظومة السياسية والاقتصادية في مجتمع ما ، التي  بمقـتـضاها يتم صنع القرار ويتم توزيع مردوده . وذلك ارتكازا على قاعدة أن " من يملك يحكم ، ويحمى ما يملك " .

1.    أن الأمة العربية تشكلت تاريخيا كوحدة واحدة ومجتمع واحد منذ أن ظهر الإسلام

2.    وحدة التاريخ العربي في الانتصار والانكسار ، ومن ثم وحدة الأمل ووحدة الألم

3.  تماثل التكوين النفسى والخبرات وأنماط السلوك في الحياة العربية ، كنتيجة طبيعية لتماثل التراث الفكرى والثقافي العربي .

 نجحت ثورة يوليو في ما اخفق فيه الوطن العربي خلال المائة سنة الماضية يحث اخفق في :

1.    التعامل مع قضية الاحتلال الأجنبى المباشر الذي تعرضت له الأمة العربية

2.  التعامل مع قضية المشاركة الجماهيرية الفعلية في قضايا العمل الوطنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية

3.  التعامل مع قضية تحديث المجتمع العربي استجابة للتقدم العلمي الهائل الذي شمل كل مناحى الحياة

4.  مدى التعبير عن الانحياز لجماهير الشعب من فلاحين وعمال وجنود وصغار الكسبة ، والنضال من أجل مصالح هذه الجماهير وحقوقها

5.    مدى الاهتمام بالتعامل مع قضية العدل الاجتماعى . بمعنى عدالة توزيع الدخل القومي

6.    مدى الاهـتمام بقضية محـو الأمية التي  هي الحاضن الطبيعي للتـخلف في كل المجالات

7.  مدى النجاح في كسر طوق التغريب على المستوى الثقافي ، والذي أدى الى تهميش الثقافة العربية

8.  مدى النجاح في كسر طوق التجزئة والقبلية ونظم توريث الحكم التي  أهدرت أبسط حقوق المواطنة

 

التجربة الليبرالية .. هو النظام السياسي القائم على النيابة عن الشعب في صنع القرار، والقائم على الحرية المطلقة لمفردات المجتمع ، وعلى تحجيم دور الدولة لينحصر في حماية الملكية الفردية في إطار القانون الطبيعي والآليات الحرة للسوق والأسعار ، وأنـه ليس هناك حدود دنيا للفقر ولا حدود قصوى للغنى ..

التجربة الماركسية في العمل السياسي والحكم في الوطن العربي

1.    الموقف المعـادى من قضية الوحدة العربية .

2.    الموقف الفكرى والثقافي الداعم لتهميش القيم الوطنية والقومية لصالح الدعوة الأممية

3.    الموقف العملى والفكرى والثقافي المناوئ للثورة العربية الناصرية منذ انطلاقها وبروز توجهاتها الوطنية والقومية .

تجربة تيار الإسلام السياسي في الوطن العربي ، أى التجربة الفعلية لجماعات كان وما زال هدفها الأعلى الوصول الى السلطة من خلال العمل السياسي ، أو من خلال الصدام مع السلطة القائمة والارتباط بالاحتلال والسلطة والقبيلة والمصلحة

1.    اختيار الاصطفاف في الخندق المناوئ للثورة العربية الناصرية

2.    الموقف الفكرى المبدئى العدائى والدعائى ضد القومية العربية

ملامح النظام السياسي العربي في المستـقبـل

1.    الموقف المبدئى المسلح برؤية شاملة لقضايا المجتمع ومشاكل الحكم

2.    العبرة أولا وأخيرا بمصالح الجماهير ومحتوى ومستوى طموحها

3.    الجماهير العربية هي صاحبة الحق الطبيعي والتاريخى في ثرواتها والموارد المتاحة على أرضها إن مادية أو بشرية .

4.    إن هذه الجماهير هي المالكة الأصيلة لكل ما تحتويه أراضيها من ثروات تعدينية وزراعية..

أن نضالاً عربياً مستقبلياً يتعين أن ينطلق من مصر( قاعدة الارتكاز في المنظومة العربية ) ثم يتمدد على اتساع الوطن العربي يستهدف إنجاز المهام الآتية

1.    تثوير الوعى العربي ، وتمتين البناء الفكرى والثقافي للجماهير حول ضرورة إقامة الدولة العربية الواحدة

2.    دعم ومساندة شرائح الحكم في النظام السياسي العربي الحالى التي  يتوفر لديها استعداد مبدئى للانحياز للعمل القومي ورفده بما لديها من إمكانات في مواقعها

3.    دعم ومساندة القوى والمنظمات الجماهيرية القومية العاملة في الوطن العربي

4.    التمسك الصريح والمعلن بثوابت المشروع النهضوى العربي للمستقبل وهي

ü    الحرية والاشتراكية والوحدة باعتبارها الاستراتيجية العليا للمشروع

ü  الموقف المقاوم للمنظومة الإمبريالية الإستعمارية الصهيونية العالمية بكل أشكالها وتوابعها .

ü    الموقف المقاوم دون تردد للعولمة

ü    السيطرة الكاملة للجماهير العربية عبر آليات للحكم والتنظيم على السلطة والثروة العربية . وعلى العملية الإنتاجية في المجتمع بكاملها من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستقلة

ü    العمل على صون الحريات الفردية والأساسية في المجتمع

ü    تحالف قوى الشعب العامل إنما تستمد جدارتها من إحـتمائها بالحق الأصيل للجماهير في ممارسة التعددية السياسية . ومن اعـترافها بأنها ذاتها إنما تعبر عن " تحالف " بين قوى متعددة

ü    إعتبار قضية محو الأمية ضمن مربع الإستراتيجية العليا للدولة العربية الواحدة

ü    إعلاء سلطة المجالس الشعبية المنتخبة فوق سلطة الجهاز التنفيذى

ü    الاعتراف بحق العمال والمهنيين في إنشاء النقابات العمالية والمهنية

ü    إعلاء وتكريس احترام الأغلبية والاحتكام إليها والانصياع لها

ü    واحترام قيم النقد والنقد الذاتى ، وحق الإبداع العلمي والأدبى والفنى والمهنى .

ü    اعتبار إعادة هيكلة نظم التعليم والتدريب والصحة والإسكان على مستوى الوطن العربي مهمة قومية

إن التيار الناصري هو حاضن المشروع العربي للنهضة ، وهو رهان الأمة الى المستقبل

الفصل  الثاني :  نحو نظام اقتصادي تنموي عربي مستقل

إن النظام الاقتصادي في مجتمع ما ، هو مجموعة الخطط والسياسات والهياكل التنظيمية والمؤسسات ، والمنظومة القانونية ، التي  تكفل ادارة الموارد الاقتصادية المتاحة والكامنة والمحتملة ، إن مادية أو بشرية .. بحيث ينتج عن ذلك تنمية وتطوير وترشيد استخدام تلك الموارد ، وتعظيم الإفادة منها ، من جهة .. ثم كفالة تحقيق العدالة في توزيع عائد هذه الموارد على أعضاء المجتمع ، بتحقيق التوازن الضرورى بين المساهمة في الإنتاج وبين التمتع بمردوده .. من جهة ثانية . أى أن النظام الاقتصادي لمجتمع ما يرتكز على محورين : الأول هو هيكل الإنتاج .. والثانى هو آليات توزيع عائد هذا الإنتاج .

إن هناك ارتباطاً عضوياً بين الديمقراطية وبين الاشتراكية .. إذ بدون الديمقراطية التي  مضمونها إشراك كل مفردات المجتمع في اتخاذ القرار ، لا يمكن أن تكون هناك اشتراكية.. وبدون الاشتراكية التي  مضمونها تحرير الفرد من الاستغلال وإتاحة الفرصة المتكافئة له للحصول على نصيب عادل من الناتج القومي ، لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية

ويؤكد ميثاق الثورة العربية الناصرية ذلك حين يقول :  إن التجارب الرأسمالية في التقدم ، تلازمت تلازمًا كاملاً مع الاستعمار . فلقد وصلت بلدان العالم الرأسمالي إلى مرحلة الانطلاق الاقتصادي على أساس الاستثمارات التي  حصلت عليها من مستعمراتها . وكانت ثروة الهند التي  نزح الاستعمار البريطانى النصيب الأكبر منها ، هي بداية تكوين المدخرات البريطانية التي  استعملت في تطوير الزراعة والصناعة في بريطانيا. وإذا كانت بريطانيا قد وصلت إلى مرحلة الانطلاق اعتمادا على صناعة النسيج في لانكشير، فإن تحويل مصر إلى حقل كبير لزراعة القطن ، كان شريانًا متصلاً ينقل الدم إلى قلب الاقتصاد البريطانى على حساب جوع الفلاح المصرى " .

الحالة الاقتصادية للأمة العربية ،

أن الموارد الاقتصادية العربية المتاحة والكامنة والمحتملة ، إن مادية أو بشرية ، هائلة الكم والتنوع ، بحيث أنها في حد ذاتها تكفي ضمن شروط معينة لإقامة المشروع النهضوى العربي المتكامل ، الذي يعتبر الشرط الحاكم لاجتياز مناطق تخلف هذه الأمة إلى رحاب التقدم التي  ترجوهـا .

1.    ان مساحة الوطن العربي تبلغ 14 مليون كيلو متر مربع أي 10 % من مساحة العالم

2.    الأمة العربية تنتج 25% من انتاج البترول في العالم و60% من احتياطي البترول في العالم

3.    انهار النيل ودجلة والفرات والليطاني والعاصي ونهرالأردن تزرع ملاين الأفدنه وقابلة لزيادة مساحات الأرض المزروعة

4.    و خامات اليورانيوم والكوبالت والذهب والنحاس والحديد والفوسفات والمنجنيز وغيرها من المعادن

5.    تلامس الأرض العربية مع شواطئ أهم بحرين في العالم من النواحى السياسية والعسكرية والسياحية هما البحر الأبيض والبحر الأحمر ، كما أن الأرض العربية تلامس أهم محيطات العالم ، الأطلنطى والهـادىء ، وأيضا تلامس خليجا استراتيجيا يتوسط أكبر وأهم حقول البترول في العالم ، هو الخليج العربي .

6.    قناة السويس ، التي  تحكم وتتحكم في كل القرارات الإستراتيجية السياسية والعسكرية والاقتصادية في العالم

7.    إمكانات البحث العلمي والذرى ، وجيوش العلماء والباحثين والمهنين في كل مجالات النشاط الإنسانى على امتداد الأرض العربية

فما هو معنى أن تعيش معظم قطاعات الجماهير العربية التي  تملك هذه الامكانات والطاقات والموارد حالات فقر وتخلف وتدن في مستوى الحياة يجعلها في حالات كثيرة خارج العصر ، بقدر ما أنها في كل الحالات خارج السلطة.

دائرة التخلف دارت وما زالت تدور على المحاور الآتية :

1.  فشل الدولة القطرية مهما بلغت ثرواتها الوطنية ، وأيا كان مذهبها الاقتصادي ، ومهما كانت تجاربها التنموية ، واختياراتها لإستراتيجيات تخطيط أو تصنيع أو تنمية . تحقيق الزيادة في الإنتاج وفي الاستهلاك وفي الادخار في آن معاً ؟؟ .

2.  أثبتت التجربة خلال العقود الثلاثة الماضية أن إغفال الخيارات القومية ، وتراجع وارتباك النظرة إلى مفهوم " الأمن القومي العربي " بأبعاده الشاملة ، تحت وطأة سيادة مفهوم " الأمن القطري" .. والتفريط في هدف التنمية الشاملة والمستقلة .. كل ذلك أدى إلى تهميش دور الاقتصادات العربية ، من جهة .. ثم إلى اندماجها في السوق الرأسمالي العالمى من مواقع التبعية ، وليس من مواقع الاستقلال والإبداع والإضافة

3.  وفي اطار إعادة تقسيم العمل في ذلك السوق الرأسمالي العالمى ، انحصر دور الاقتصادات العربية، بل انحصر دور الدولة القطرية في إنتاج المواد الخام وتوفير العمالة الرخيصة .. ثم التحول إلى مستهلك نشط لما ينتجه المصنع الرأسمالي العالمى .

4.  إن دول الشمال تبيع ثلثى إنتاجها من الأسلحة إلى دول الجنوب والوطن العربي كله يقع في الجنوب

5.  برزت مرة أخرى ، وبشكل حاد ، قسمات التبعية للاستعمار والامبريالية . واتسعت مساحة الفجوة التكنولوجية والتعليمية والبيئية

6.    وقوع أغلب الدول العربية ، بما فيها الدول المنتجة للبترول ، في مصيدة الديون للغرب . التي  ما لبثت ولا تزال تلتهم أية فوائض أو زيادات في معدلات الناتج المحلى لتلك الدول . وأصبحت تلك الديون تمثل أكبر عائق في طريق تحقيق التنمية المستقلة ، أو الاستقلال التنموى

7.  في الوقت الذي تسعى فيه أوربا لخلق منظومة اقتصادية أوربية واحدة ، وصولاً إلى منظومة سياسية واحدة ، فإن ذلك يقابله على الصعيد العربي فرقةً وتمزقاً وصل إلى حد الانهيار ..

8.  بل إن القوة العسكرية الامبريالية التي  أغارت على العراق في السنة الثالثة من بداية القرن الحالى، إنما احتشدت وتأهلت وانطلقت لتسطو سطواً مسلحاً على ثروات العراق من فوق أراض عربية ، وبرعاية النظام السياسي الرسمى العربي .. الذي وقف ـ عـجزاً أو رضى ـ يبارك الإنقضاض عـلى القطر العربي ، ويشاهد انسياب ثرواته بدون حد أو حساب إلى خزائن المعـتدين، لتصنع مزيدا من الرفاهة والتقدم للآلة الاستعمارية الجديدة القديمة بقيادة أمريكا وبريطانيا .

الشرط الحاكم لاجتياز التخلف :

ü  إن نظاماً اقتصادياً قومياًً مستقلا ومتكاملا هو الشرط الحاكم لإجتياز التخلف إلى رحاب التقدم للأمة العربية . . وهو في ذات الوقت الركيزة الأساسية لبناء مشروع النهضة الشاملة لهذه الأمة ، لحاقا بالعصر ، ومواكبة للمتغيرات الحضارية المتلاحقة في حياة البشر ، وتأمينا لحق الجماهير العربية في الحرية والأمن ولقمة عيش مضمونة وكريمة ، أى تحقيقاً للمجتمع الاشتراكى العربي المرتكز على التنمية الشاملة والمستقلة ، وعلى الفرصة المتكافئة بمعنى عدالة التوزيع .

ü  لابد من اعادة هيكلة الناتج القومي . لتعظيم ما تتمتع به الحالة الاقتصادية العربية حتى في وضعها الراهن بمزايا تنافسية عالمية عالية ، لكم لا بأس به من السلع والخدمات ، منها على سبيل المثال : البترول والغاز الطبيعي وقناة السويس والقطن. والثروة الحيوانية ، والفوسفات والمنجنيز والموالح والتمور ، والسياحة العادية والسياحة الدينية .. وما إلى ذلك

ü  لابد من إعادة رسم خريطة توطين الصناعة والزراعة والعمالة العربية ارتكازا على مبدأ " التخصص والتكامل " الذي يعنى أن تتخصص مناطقاً بعينها في إنتاج السلع والخدمات التي  تسمح لها ظروف المناخ والعمالة والنقل ، والتدريب وخلافه ، بالتميز في إنتاجها كماً ونوعاً وتكلفة . ثم تتكامل هذه المناطق المتخصصة مع مناطق متخصصة أخرى في تنفيذ المراحل الأخرى لما تم التخطيط له .

 

ü  لابد من تحقيق التطوير والإصلاح الجدى والجذرى للسياسات المالية والنقدية والضريبية ، من أجل دعم استقلال القرار الاقتصادي القومي بشكل عام ، من جهة .
ومن جهة ثانية .. الحفاظ على التوازن بين المتغيرات الاقتصادية مثل : العرض والطلب / الإنتاج والإستهلاك / الادخار والاستثمار / الإستيراد والتصدير ... الخ . على ضوء إدراك أن ذلك في حد ذاته ضرورة لتحقيق الإستقرار الاقتصادي بما يشمله ذلك من استقرار الأسواق الرئيسية للإنتاج والإستهلاك والادخار .

ü  لابد  من فتح ملف المياه ، في الوطن العربي لتأكيد الحقوق العربية في المياه . في إطار نظرة شاملة ومتكاملة لمفهوم الأمن القومي العربي . والمياه في القلب من هذا المفهوم .

ü  لابد من اعادة فتح ملفات التعليم والإسكان والعمالة والتدريب على المستويات القطرية والمستوى القومي ،

ü  من صياغة رؤية واقعية ومستقلة للعلاقات الاقتصادية الدولية ، بين الوطن العربي وبين العالم . والإستبصار الكافي لتماس تلك العلاقات وتداخلها مع المرتكزات الأساسية للنظام الاقتصادي العربي

ü    لابد من اطلاق خطط التنمية في الريف والمناطق غير الحضرية

إن قيام نظام اقتصادى عربى مستقل ، رهن بإمتلاك الجماهير العربية للإرادة السياسية التي  تمكنها من صنع القرار .. وذلك هو الشرط الحاكم لبناء مشروع النهضة العربية الشاملة المقصود. لأن امتلاك الإرادة ، وامتلاك سلطة صنع القرار والإلزام به ، ليست من المصطلحات التي  يختص بها الفكر السياسي وفقط .. وانما هي أيضاً وبنفس درجة الأهمية واللزوم من مصطلحات الفكر الاقتصادي . بمعنى أنها إذا كانت من الشروط الحاكمة لتحقيق حرية الوطن وحرية المواطن، وتأكيد السيادة القومية وحمايتها .. فإنها في ذات الوقت من الشروط الحاكمة لسيطرة الجماهير على الثروات القومية وعلى العملية الإنتاجية ، ومن ثم تعظيم الناتج القومي ، وتحقيق العدالة في توزيع عائده ، وامكان تعظيم وتنمية المدخرات القومية ، وإعادة تدويرها في الدولاب الاقتصادي . أى أن السيطرة على أدوات صنع الحياة وامتلاكها لصالح الأجيال الحالية ، هو في نفس الوقت إجراء ضرورى لضمان المستقبل للأجيال القادمة .

الفصل الثالث : الحركة العربية الواحدة

ينطلق التيار الناصري من مسلمة أساسية هي أن الأمة العربية أمة كاملة التكوين تاريخيا واجتماعيا , وأن التجزئة الحاصلة فيها هي نتاج عوامل فرضها الاستعمار الخارجى ، وساهمت في بقائها الأنظمة القطرية التي  اعتلت السلطة في أعقاب مرحلة الاستـقلال الوطنى .

إن أحد العقبات التي  تقوم في وجه بناء " الحركة العربية الواحدة " هي تشرذم التيار الناصري وتفتته في القطر المصرى بين مجموعات ومنظمات مختلفة لا تعكس الوزن الحقيقى للناصرية في الشارع المصرى ، كما أنها لا تعكس حجم المأمول عربيا من هذا التيار في مصر.

إن وحدة التيار الناصري في مصر هي الأساس الذي يجب أن ترتفع عليه أعمدة الحركة العربية الواحدة . لهذا تظل مهمة توحيد التيار الناصري في مصر هي مهمة عربية قبل أن تكون مهمة مصرية . وهي مهمة تستدعى كل جهود المؤمنين بالحركة العربية الواحدة على اختلاف أقطارهم .

إن دور مصر في العمل العربي ليس امتيازاً خاصاً للمصريين كما تـقدم ، ولكنه تقدير موضوعى لدور القيادة المركزية للحركة العربية الواحدة ، ومصدر قوتها وشرعيتها ، وقدرتها على أن تلزم الفروع المختلفة بقرارات الحركة واتجاهاتها ، وهو الدور الذي تستطيع مصر أن تؤديه

لقد نشأت في كل الأقطار العربية لجان شعبية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيونى ، وأخرى لدعم انتفاضة الشعب العربي في فلسطين ، أو لجان دعم المقاومة العراقية . واعتقادنا أن مثل هذه المبادرات الشعبية البعيدة عن الأنظمة القطرية ، قد تشكل بدايات وعى جديد يتحسس الطريق للوحدة العربية من خلال النضال اليومى .

إن نشأة لجان العمل من أجل الوحدة العربية في كل الأقطار العربية قد يكون أحد الأشكال الشعبية للنضال الوحدوى الجديد . إن الحركة العربية الواحدة لا يمكن أن تصل إلى غايتها إلا من خلال رأى عام عربى جماهيرى . إذ أن اقتصار بناء الوحدة عـلى دولة قطرية ، أو نخبة سياسية أو تـنظيمية مـا .. قد يحول الوحدة الى شأن سياسي نخبوى ، تختص بتـقريره وإدارته الدولة أو النخبة ، الأمر الذي قد يرهن مصير دولة الوحدة بمصالح النخبة وانـتماءاتها ومرجعـيتها الفكرية

الفصل الرابع

الرؤية الناصرية للصراع العربي الصهيوني

يظل الصراع العربي الصهيونى هو المشكلة الحاكمة لكافة أوضاع الوطن العربي وما حوله.. وما زال رغم امتداد الزمن وتعاقب السنين هو المحرك للتطورات والتفاعلات التي  تموج بها هذه المنطقة ، ومصدر أزمات الوطن العربي السياسية والاقتصادية والحياتية .. والتي  تعرقل خطواته على طريق التقدم والتطور والتنمية .

من المسلمات التي  لا تحتمل الجدل أن المسئول عن تفجير الصراع العربي الصهيونى هو الحركة الصهيونية العالمية التي  روجت في المراحل الأولى لنشأتها لأسطورة (اللقاء في أورشليم ..أو أرض الميعاد) ثم تبنت الحركة في أول مؤتمر تنظيمى لها انعقد في بازل 1897 هدفاً استراتيجياً واضحاً .. وهو إقامة وطن قومى لليهود في فلسطين .

ومنذ ذلك الحين اتخذ نشاط الحركة إطاراً تنظيمياً له قيادته وآلياته وبرنامج عمل ومنهج تلتزم به .. وانطلقت بكل طاقاتها لبلوغ هدفها الاستراتيجى وفق مراحل متلاحقة ، وفي مقدمتها – إيجاد موطئ قدم راسخ للحركة في فلسطين .. يكون قاعدة الانطلاق نحو التوسع الاستيطانى الذي يتحقق من خلال الاستيلاء المتوالى على الأراضى الفلسطينية ، ثم تفريغها من سكانها العرب وإحلال المهاجرين اليهود الذين تجلبهم الحركة من الخارج بدلاً منهم .

ولقد اتخذ رد الفعل العربي الرسمى فور وقوع العدوان شكلين :

الأول .. هو التدخل العسكرى من الدول المجاورة لفلسطين بصفة أساسية بالإضافة للعراق .. لإنقاذ الشعب الفلسطينى من الاجتياح الصهيونى . ولقد باءت هذه الحملة العسكرية الارتجالية بالفشل ، بفعل التقاعس والخيانات التي  حدثت من بعض من كانوا في مراكز القيادة واتخاذ القرار .

الثانى .. المقاطعة العربية الشاملة الكاملة للكيان الصهيونى الناشئ ) إسرائيل ) وحصاره سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، وإطلاق حملة إعلامية لكشف الطبيعة العنصرية الإستيطانية والعدوانية لذلك الكيان وللقوى الصهيونية والاستعمارية المحركة له

إن الرؤية الناصرية قد ارتكز موقفها من الصراع على المحاور الآتية :

أولاً .. إن الأرض التي  قام عليها الكيان الصهيونى ، هي أرض عربية ويجب أن تعود عربية كما كانت ، ولا مجال للتنازل عن شبر واحد منها .

ثانياً .. إن الكيان الصهيونى مغتصب للحقوق الفلسطينية وذا طبيعة عدوانية وتوسعيه إستيطانية ، ومرتبط بالمصالح الاستعمارية ، وأن خطره لن يتوقف عند الحاضر بل سوف يمتد إلى المستقبل .

ثالثاً .. إن الصراع مع الصهيونية هو صراع مصيرى وقومى وحضارى ، وأن لا سبيل إلى حله إلا بالقضاء على الظاهرة الصهيونية مجسدة في كيانها العنصرى .

رابعاً .. إن القوة هي الوسيلة الوحيدة القادرة على حسم الصراع لصالح الأمة العربية ، لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة .

خامساً .. إننا أقوياء ، ولكن الكارثة أننا لا ندرك مدى قوتنا ، وأن القوة الكامنة في الوطن العربي والأمة العربية إذا أحسن توظيفها كفيلة بحسم الصراع لصالحنا ، فالقوة هي التوظيف الإيجابى والرشيد لكل ما نملك من مقوماتها .

التحولات الأساسية التي  جدت على الصراع :

في أعقاب رحيل جمال عبد الناصر تعرضت مكونات الصراع .. وعلاقات الأطراف المشتبكة فيه لتحولات مفصلية ترتب عليها نتائج عميقة الأثر وبالغة الخطورة

·       إتفاقية " كامب ديفيد

·       * إخراج مصر من دائرة الصراع ، وتجريد الجبهة العربية من أقوى حصونها

·       إخراج القوات المسلحة المصرية التي  كانت تمثل أكبر تهديد لأمن إسرائيل من معادلة الصراع العربي الصهيونى

·       تجحيم القدرات العسكرية المصرية . وتحجيم دور مصر الإقليمى .. ومن ثم إطلاق يد الكيان الصهيونى في التعامل بحرية تامة مع باقى الأطراف العربية

·       تراجع المد القومي العربي وتصاعد التوجهات القطرية ، وقيام المنظمات الإقليمية العربية التي  عمقت من تجزئة وتشرذم العلاقات العربية

·    تكـثيف الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتنشيط إقامة المستوطنات اليهودية في الأراضى المحتلة .

·       * إضافة متغيراً انقلابياً على الإدراك السياسي العربي الذي درج على التعامل مع " إسرائيل " باعتبارها العدو اللدود ، فأصبح يدعو هذا المتغير إلى التعايش مع إسرائيل بصفتها أمر واقع ، وصديق محتمل ، وأن ما كان بيننا وبينها هو حاجز نفسى لا أكثر

" مؤتمر مدريد " الذي يمكن اعتباره نقطة البداية التي  زجت بالأطراف العربية الأخرى في حلقة مفرغة أطلق عليها عملية التسوية السلمية

ولعل من أكبر الخسائر التي  أدى إليها انعقاد مؤتمر مدريد أنه

·       * سحب قضية الصراع العربي الصهيونى من ملفات الأمم المتحدة

·       * تفتيت وتجزئة الموقف العربي على مسارات ثنائية فيما يتعلق بالانسحاب ، وجماعية فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي ،

·       اسقاط قرار الأمم المتحدة الذي يسوي بين الصهيونية والعنصرية

·       اعادة العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل لكثير من بلدان العالم

·    وانبثق من مؤتمر مدريد روافد وفروع ومفاوضات أفرزت عدداً كبيراً من المشاريع والبروتوكولات والإتفاقيات الهشة والهامشية . أثبتت التجربة العملية خلوها من أى قيمة ، ومن أى التزام جدى يحرك الصراع خطوة واحدة في اتجاه الحل والسلام . وكان من بين هذه المشاريع والبروتوكولات والاتفاقيات ، أوسلو ، وواى ريفرز ، وواى بلانتيشن، والقاهرة ، وطابا، وشرم الشيخ، واتفاقيات تينيت، وتفاهمات ميتشيل، وأخيراً خارطة الطريق التي  تترنح متنقلة بين غرف الإنعاش السياسي على أمل إبقائها على قيد الحياة .

وتأتى  .. الانتفاضة الأولى التي  عرفت في تاريخ النضال العربي بانتفاضة الحجارة ، نقلة نوعية جذرية لحالة المواجهة على ساحة الصراع ، ذلك أنها أضافت إلى منظمات وفرق المقاومة رصيداً مهولاً ولا نهاية له

وانحسر وهج انتفاضة الحجارة مع نشوب حرب الخليج الثانية ، وعقد اتفاقية أوسلو مع إسرائيل .

وتشكلت جبهتان ، جبهة الحل التفاوضي، وجبهة العمل النضالى

. فتجمع أنصار الحل بالمفاوضات في جانب مع الأنظمة العربية الرسمية ، بالإضافة إلى بعض الدوائر السياسية والاقتصادية المرتبطة مصالحها مع أمريكا ، الى جانب المطبعون مع العدو الصهيونى .. وفي الجانب المقابل التفت الغالبية الغالبة من جماهير الشعب العربي حول راية المقاومة، مؤمنة بأن واجبها المقدس هو تعظيم دور المقاومة ، خاصة المقاومة المسلحة .

الدعوة لمشروع الشرق الأوسط وانبثق عنها مؤتمرات (" التعاون الاقتصادي بين دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط " خلال الفترة من 1994 إلى 1997 )

واستمرت  حرب إبادة تستهدف استئصال الوجود الفلسطينى بكل جذوره الماضية ، وواقعه الحاضر . ولم تتوقف عند حد ارتكاب المجازر البشرية ، ولكنها شملت تجريف الحقول ونسف المنازل ، واجتياح المدن وتدمير القرى ، ونشر الخراب في كل موقع فلسطينى . وقد تم ذلك في ظل الحماية الأمريكية التي  منحت الكيان الصهيونى الغطاء السياسي والإمداد العسكرى لمواصلة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين ، بدعوى حق إسرائيل في أن تعيش .

إن إقامة جدار العزل العنصرى ، جاء إجراءً مكملاً لحرب الإبادة ضد الشعب العربي في فلسطين

وكلا الظاهرتين حرب الإبادة والجدار العازل ، يتفرعان من نفس المصدر ، وهو حالة الاستثناء الدولى التي  تتمتع بها إسرائيل ، والتي  تعطيها دون بقية دول العالم حق شن حرب الإبادة ، وحق إقامة السور العازل وقبل ذلك وبعده حق إنتاج وتخزين أسلحة الدمار الشامل دون أى رقابة دولية ، وبحماية أمريكية .وانطلاقاً من هذه الحالة ، تعلن إسرائيل رفضها الامتثال لقرار محكمة العدل الدولية الذي أدان إقامة السور وطالبها بتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا من إقامته . ولقد ساندت أمريكا الرفض الإسرائيلى ، بحيث لقى قرار محكمة العدل الدولية ، نفس مصير القرارات الدولية الأخرى التي  ضربت بها إسرائيل عرض الحائط .

المنظور الناصرى لمستقبل الصراع العربي الصهيوني

إن واقع التعامل مع العدو ، يوضح بجلاء أنه حتى التسوية التي  تتيح للكيان الصهيونى اقتناص أكبر قدر من المغانم ، وتعيد للعرب أدنى قدر من الحقوق ، يتمنع في الموافقة عليها ، إلى أن إلى يعتصر التنازل العربي لآخر قطرة فيه .

والهدف الاستراتيجى العربي ، كما يحدده المنظور الناصري ، وكما يؤمن ويعتقد الناصريون بأن الأوان قد آن لتنعقد عليه إرادة الأمة .. هو إنهاء الظاهرة الصهيونية من منطقتنا، وتحرير كامل التراب الفلسطينى من النهر إلى البحر في فلسطين ، وتحرير العراق وإنقاذه أرضاً وشعباً وموارداً من طوق الإغارة البربرية الإمبريالية الإستعمارية عليه .

إنه طريق طويل لمهمة معقدة وبالغة الصعوبة .. لكن الأهم أنها ليست مستحيلة . وسوف تنجح الأمة في اجتيازها ، عندما تسلم هذه المسؤلية للقوى الشعبية والجماهيرية المؤمنة بمشروعها القومي الوحدوى ، المدركة أن النجاح في تلك المهمة إنما هو ضرورة حياة وتقدم .. وليس ترف اختيار . وعلى تلك القوى الشعبية والجماهيرية أن تضع نصب عينها ، أهمية ابتداع آليتها التنظيمية الموحدة ، التي  تمثل العصب الضابط لتعبئة وحشد وتنظيم مهام المقاومة ، وقواها ، وأدواتها.

الفصل الخامس

الحركة الوطنية والقومية في مواجهة الهيمنة والعولمة

إذا كانت ثورة يوليو خلال مسيرتها، قد حددت مبادئ وبلورت مواقف، وخلصت بدروس تعاملت بها مع النفس، وكانت أساس علاقاتها بالغير.. فقد انطلقت من قاعدة أساسية نص عليها الميثاق تقول :" إن السياسة الخارجية لشعب الجمهورية العربية المتحدة هي إنعكاس أمين وصادق لعمله الوطنى " ، وكانت هذه السياسة الخارجية محكومة بثلاثة خطوط تحددت في الميثاق أيضاً هي : "الحرب ضد الاستعمار والسيطرة ، بكل الطاقات والوسائل، وكشفه في جميع أقنعته ، ومحاربته في كل أوكاره.. والعمل من أجل السلام، لأن جو السلام وإحتمالاته هو الفرصة الوحيدة الصالحة لرعاية التقدم الوطني.. ثم التعاون الدولى من اجل الرخاء، فإن الرخاء المشترك لجميع الشعوب لم يعد قابلا للتجزئة، كما أنه أصبح في حاجة إلى التعاون الجماعى لتوفيره" .

إن أعداء الثورة الآن ، ممن دانت لهم الأمور ومن هم في خدمتهم ، يتعمدون التزييف ، ويحاكمونها خارج سياقها التاريخي، ويتعمدون تجاهل أهدافها الأساسية التي  صاغتها ، والتي  تمثلت في مبادئها الستة عند انطلاقتها الأولى ، التي  كانت تعبيرا عن مطالب الغالبية الشعبية الكاسحة . وكان نجاحها في تحقيق تلك المبادىء ، هو المقدمة الطبيعية لأن يصبح التحرر الوطنى والقومي والتخلص من الهيمنة الإستعمارية ، والتنمية المستقلة ، والعدل الاجتماعى وبناء الدولة العصرية ، ومواجهة التحدى الصهيونى .. هو مضمون العمل القومي العربي خلال حقبة الخمسينات والستينات من القرن العشرين .

الناصرية منذ بداياتها الأولى ، فإنها اشترطت ضمانات اجتماعية ، بتحرير رغيف الخبز من سطوة المستغلين ، كمقدمة ضرورية لديمقراطية حقيقية على قاعدة الترابط بين البعدين الاجتماعى والسياسي للحرية

إن الديمقراطية لم تكن غائبة عن فكر التجربة الناصرية ، وبالنظر الى الظرف العالمى الراهن وتركيزه على قضية الحرية في بعدها السياسي فقط ، دون النظر إلى الشق الاجتماعى ، علينا أن نرصد المستجدات التي  طرأت على هذا العالم بعد سقوط حائط برلين، وانهيار الاتحاد السوفييتي، وتفكك الكتلة الاشتراكية ، ووقوع العالم تحت هيمنة القطب الأوحد ، ودخول العالم إلى عصر "العولمة" ، ثم تجاوز ذلك العصر والدخول إلى عصر جديد يعرف بعصر "ما بعد العولمة" ، يضاف الى ذلك دلالات ما حدث في الحدى عشر من سبتمبر 2001 .. بالنظر الى ذلك ، فإنه يتعين علينا الا ننساق وراء ما يجرى ويرتب عالمياً من إهمال لقضايا العدل الاجتماعى ، والتنمية ، ورفع مستوى المعيشة للجماهير ، وخاصة ما يرتب له في منطقتنا ، من الحيلولة دون تحقيق التكتل والتوحد القومي . إ

إن العولمة في حال تحققها بما يجرى ترتيبه للأمة العربية ، ضمن ما يجرى ترتيبه للعالم ، سوف يدخلنا في دائرة الاستغلال الاجتماعى ، والتخلف الاقتصادي ، والتبعية السياسية .

إن زيادة البطالة وانخفاض الأجور وتدهور مستويات المعيشة ، وتقلص الخدمات الاجتماعية التي  تقدمها الدولة أو انسحابها من حياة الناس ، وإطلاق آليات السوق ، وابتعاد الحكومات عن التدخل في توزيع الدخل والثروة بين المواطنين ، ثم الإغـارة عـلى وسلب طاقات وموارد شعـوب أخرى ، وهي القسمات الأساسية للنظام الرأسمالي ، والتي  كان البعـض قـد توهـم أن زمانها قد ولى.. إلا أنها ما زالت ترسم وحتى الآن ملامح الحياة الاقتصادية والاجتماعية في غالبية دول العالم

إن البحث الاقتصادي العلمي يؤكد : إنه مع العولمة وفي هذا القرن سيكون هناك 20% من سكان الأرض يمكنهم العمل والحصول على دخل والعيش في رغد وسلام . أما الباقون ( 80% ) فهم سكان زائدون عن الحاجة، ولن يمكنهم العيش إلا من خلال الإحسـان والبـر وأعمال الخير‍!. ذلك حيث أن 20 % من دول العالم تستحوذ على 85 % من حجم الإنتاج العالمى ، وعلى 84 % من حجم التجارة الدولية .. فوق أن سكانها يحوزون 80 % من حجم المدخرات في العالم .. وأن في العالم الآن ـ وهو ما يزال عـلى عـتبات العـولمة ـ 385 مليارديراً يمتلكون ثروة تزيد عما يمتلكه 2.5 مليار إنسان ، أى أكثر من نصف سكان الأرض !! ؟؟ .

إنها العولمة التي  تستهدف إنتاج " أممية رأس المال " . فهاهـم الرأسماليون يهددون بتهريب رؤوس أموالهم مالم تستجب الحكومات لمطالبهم بمنحهم تنازلات ضريبية سخية , وتقديم مشروعات البنية التحتية لهم مجاناً ، وإلغاء وتعديل التشريعات التي  كانت تحقق بعض المكاسب للطبقات والفئات المسحوقة ، مثل قوانين الحد الأدنى للأجور ومشروعات الضمان الاجتماعى والصحى وإعانات البطالة .. وأيضاً خصخصة المشروعات العامة وتحويل كثير من الخدمات التي  كانت تقوم بها الحكومات إلى وحدات تجارية خاصة لا تعبأ بشىء غير الربح .

إن " العولمة " ليست آلية من آليات النظام الرأسمالي ومرحلة عالية من مراحل تطوره فحسب .. وإنما هي أيديولوجية معبرة عن إرادة الهيمنة على العالم . وهي بهذا المعنى تتجاوز مجال الاقتصاد ، الذي قد يتصور البعض أنها محصورة فيه ، وتتسع لتشمل مجالات المال والتسويق والتجارة والاتصال والسياسة والفكر والاجتماع والثقافة والمعرفة . إنها أيديولوجية تضع رؤية شاملة تستهدف تعميم النمط الحضارى واسلوب الحياة الخاصين بالولايات المتحدة الأمريكية على بلدان العالم أجمع ، وهذا يعنى أنها أيديولوجية تسعى بدأب ليس إلى " عولمة " العالم فقط .. بل الى " أمركته " أيضاً .

إن العولمة وهي تعيد إنتاج وصياغة نظام الهيمنة القديم وتقديمه في طراز جديد .. يجعل من الصعب فصلها عن التجربة التاريخية للرأسمالية والاستعمار الغربي .. فالاستعماركعملية اقتصادية ، تقوم فيها الدول الأقوى باستغلال الموارد والثروات والإمكانيات البشرية والاقتصادية المتاحة في الدول الأضعف ، إنما حقق ذلك بالقوة العسكرية . أما في شكله " العولمى " الجديد ، فإنه يسعى الى تحقيق ذات الأهداف والمقاصد ، من خلال " عولمة الإنتاج " ، بالسيطرة على الاقتصادات المحلية والقومية والاقليمية ، ونقل التمويل والأموال بحرية وبسرعة فائقة بين البلدان ، بما يمنح المؤسسات العابرة للحدود والأمم والقوميات ، والشركات دولية النشاط قوة اقتصادية هائلة ، ويمنح المستثمرين نفوذا سياسياً جباراً على مراكز صنع القرارات الاقتصادية وبرامج الإصلاح والهيكلة . ويصبح طبيعياً والوضع هكذا ، أن يصبح الفقراء أشد فقرا ، فيما يتمتع الأغنياء بثراء يتزايد بمعدلات فاحشة ، جعلت القلة القليلة تسيطر على جل الناتج الزراعى والصناعى والتقنى والخدمى ، بل وعلى عقول البشر وناتج البحث العلمي في العالم .. في حين لم تترك للأغلبية الساحقة من سكان هذا الكوكب سوى فتات ما يفيض عنها .. وهو جد قليل .

والعولمة تمثل أيديولوجية تحكم سلوك وطموحات المؤسسات والشبكات والشركات دولية التمويل والنشاط ، وهذا يأتى على حساب الدول الخاضعة ، التي  ينحصر دورها في الضبط والربط ، وتقديم الخدمات والتسهيلات اللازمة لهذا النشاط . ومن ثم تتحول بالضرورة ، إلى جهاز أمن مسئول عن خدمة وحراسة المؤسسات والشبكات والشركات الدولية ورجالها ، الذين أصبحوا هم أصحاب الهيمنة الحقيقية على العالم .

إن هذا الوضع من شأنه أن ينتزع ملكية الوطن بفعل سطوة الرأسمالية العالمية المتوحشة ، وأن تتم خصخصتة بتحويله إلى ساحة للتناحر والتقاتل ، عن طريق التشطير وتكريس الثنائيات في هوية الأوطان و الأمم . وهذا يفسر السعى الأمريكى الدائم في مصر مثلاً ، لإيجاد شرخ يشق اللحمة التاريخية بين المسلمين وبين المسيحيين من أبنائها . واختلاق وتزييف الفروق بين سكان الوجه القبلى وسكان الوجه البحرى ، وبين سكان الوجهين وسكان النوبة ، وبين العروبة والمصرية ، كذلك خلق التناقض بين العامية والفصحى .. هذا فوق السعى الآثم لإستبدال التسامح الدينى بالتطرف والتـعصب .

ومع كل ما جرى على صعيد " عولمة " العالم ، وفي منتصف الطريق، جاءت الغارة على نيويورك وواشنطن في الحادى عشر من سبتمبر 2001 ، لتلقى بالعولمة جانبا وتفتح أمام العالم طريقا أكثر وعورة ووحشة وظلماً وتجبراً ، وتدخل العالم إلى عصر " ما بعد العولمة " . وفيه حل التدخل العسكرى والإحتلال المباشر محل الإجراءات الاقتصادية ، وبدلاً من الدعوة لإعادة هيكلة اقتصاديات العالم على قواعد تحرير التجارة وقوانين السوق ، وإزالة الحواجز والحدود والقيود أمام حركة السلع والمال، أحتل العمل العسكرى المباشر مكانة شبه مطلقة في فرض واقع جديد على العالم . وسيطرت العقلية المسلحة بالقوة المتغطرسة على القرار الأمريكى ، وزادت الاعتمادات المالية الضخمة ، لتلبية متطلبات واحتياجات المجهود الحربى .. وانتقل الطور الأمريكى من الطور الإمبراطورى إلى الطور الفاشى العنصرى ، وهو ما زاد من تطابقه مع طبيعة الكيان الصهيونى المغروس في قلب الوطن العربي ، وإرتبط العمل العسكرى في أفغانستان والعراق بالإغارات المكثفة على المدنيين لإثارة الذعر بينهم، وبرفض تطبيق القواعد والقوانين والأعراف الدولية والأخلاقية الخاصة بمعاملة المدنيين في فترات الحروب والمعارك العسكرية وتحت الاحتلال .

وانتقل الخطاب السياسي الأمريكى من الطابع التجريبى إلى الطابع التبشيرى الدينى ، وعادت اللغة التوراتية القديمة التي  استخدمها ووظفها رواد الاستيطان الأوريى لتبرير أبادتهم السكان الأصليين من الهنود الحمر . وتولى الخطاب السياسي الأمريكى تقسيم البشر إلى أمريكيين خيرين .. وأغيار إرهابيين يكونون " محور الشر"في العالم .وأضحى هذا الخطاب أقرب إلى المواعظ الكنسية المهودة والمصهينة ، بشكل زاد من عمليات التحريض الدينية ، وأعاد للأذهان صفحات التاريخ الأمريكى السوداء ، التي  وصف فيها رواد القتل والاستيطان أرض العالم الجديد " بأرض الميعاد" ، وأضفوا على أنفسهم صفة "شعب الله المختار"، وهو ذات المنطلق الذي تمثلته الحركة الصهيونية العالمية حين أغارت على الأرض العربية في فلسطين ، واستخدمته كمسوغ دينى لقتل الغير والاستيلاء على أرضه .. والإستيطان بها .

وعادت الصورة القديمة للاستعمار ، أكثر قبحاً وبشاعة . فإذا كانت المراحل السابقة قد أقامت بنيانها على احتلال الدول الفقيرة والمختلفة ، أما لنهب مواردها الطبيعية الغنية ، أو للإستفادة من مواقعها الإستراتيجية الهامة .. فقد جاءت العولمة وما بعدها ، لتمكن الدولة الأعظم من السيطرة على الدول القوية الغنية والأكثر تقدما . أى أنه استعمار تمارسه الدولة الأعظم على كل ما عداها ، بما في ذلك الدول المتقدمة بما تملكه من ثروات وبشر متقدمون مهنياً ، وبما تملكه من أسواق داخلها وخارج حدودها .. إن أكبر الدول الأوربية الآن لا تستطيع أن تدعى أنها خارج السيطرة الأمريكية ، والأمثلة كثير ، لكن يأتى في مقدمتها بريطانيا وإيطاليا وفرنسا ، بل وروسيا . فالعائد من جراء السيطرة على تلك النوعية من الدول ، أكبر وأكثر نفعاً من ذلك الناتج من استعمار الدول الفقيرة والمتخلفة ، في إفريقيا وآسيا وأمريكيا اللاتينية .. ليس معنى هذ استثناء الدول الفقيرة والمتخلفة ، ففيها بؤر غنية ومتقدمة ، يمكن التعامل معها ، ودمجها في النظام الجديد .

أن المجتمع العالمى المفتوح ، يتعين أن يقف على أرضية الإعتراف بفروق الديانات والعقائد ، وفروق الثقافات والعادات والتقاليد والفنون والآداب وأنساق القيم . ومن ثم عليه أن يبحث عن المشترك العام الذي يربط كل هذا التنوع ، وينبى على أساسه مؤسسات ونظم وآليات عالمية تلبى هذا المشترك العام ، وتشبع احتياجاته .

إن منظمات المجتمع المدنى ، كانت الباب الذي ولجت منه الولايات المتحدة الى مجتمعات العالم الثالث ، لتخضع أنماط الحياة في تلك المجتمعات لنمط الحياة الأمريكية وقيمها ، مهما كانت مخالفتها أو معاداتها لما هو سائد . وهذا وضع يفرض ضرورة العمل على تغيير توجهات تلك المنظمات ومضامينها ، وكشف دور بعضها في نشر ثقافة الضم والإلحاق والتبعية والتطبيع ، بنشر ثقافة معاكسة ، تقوم على التنوع في إطار التكامل ، وليس التعدد بهدف التشطير والتفتيت والتجزئة . والوطن العربي مستهدف ، ويواجه مخططات ودعوات مستمرة لتفكيكه وإعادته إلى سيرته الجاهلية الأولى .. إلى حكم القبيلة والسلالة والعرق والمذهب والطائفة ، وذلك بدعم وتشجيع مؤكد من قوى العولمة وما بعدها .

إن هذا الوضع يفرض علينا في الوطن العربي ضرورة التوحد والتكتل ، بل يجعل من ذلك " فريضة " تقدم ، في مواجهة رفض غربى قاطع لأى تكتل عربى ، هذا الرفض الذي يجد استجابة من صانعى القرار الرسمى العربي ، ومن ثم يجرى تهميش المواطن، واضعاف مشاعر المواطنة والإنتماء الوطنى والقومي لديه ، وبث النعرات العرقية والإثنية القديمة ، وطمس الهوية وتشويهها . وتنشيط الدور التطبيعى للسياسة الرسمية في كثير من الأقطار العربية ، تجاه العـدو الصهيونى .

إن مستوى الطموح العربي خلال العقود الثلاثة الأخيرة ، قد تضاءل ، وتراجع من السعى إلى إقامة وحدة عربية كاملة ، إلى مجرد سوق عربية مشتركة ، إلى مشروعات عربية ليست ذات طبيعة استراتيجية . الى تجارة بينية وقفت عند حدود 9.8 % من إجمالى التجارة الخارجية للبلاد العربية، وحوالى 70 % من هذه التجارة البينية يتم بين دول الخليج العربي . ومعظمه استيراد نفط من قطر ما ، ليعيد قطر آخر تصديره .

وفي الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى الاندماج والتكتل ، يزداد العرب انقساماً وتشتتاً .. وعلى عكس كل قواعد المنفعة والتجارة ، لم يحصد العرب مقابل ما قدم مسئوليهم وولاة أمورهم ، من موارد وطاقات وتسهيلات ومساعدات لأمريكا والغرب ، سوى الإذلال والتنكيل والإرغام والتخلف والمهانة . إن مساهماتهم الكبيرة ، هي التي  أدخلت العالم إلى حظيرة القطب الواحد ، فقد منحوا الولايات المتحدة الأمريكية تفويضاً ، وأطلقوا يدها في الوطن العربي والعالم الإسلامى ، وتجاوزوا في تنازلاتهم كل طاقة لديهم على التنازل ، ودفعوا بالشباب العربي والمسلم ، بدعم أموال النفط وتدريب الأجهزة الأمريكية ، لاستنزاف الاتحاد السوفييتى السابق في أفغانستان .. وعندما دانت الأمور لأمريكا ، استدارت لتصفي وتلاحق كل من ساعدها وانتصر لها . إن باب العولمة الذي فتح في أفغانستان في بداية تسعينات القرن الماضى على يد " الأفغان العرب " .. أغلق من هناك أيضاً ضدهم تحديداً ، مع قدوم هذا القرن ، وبعد الحادى عشر من سبتمبر 2001.

إن التوحد والتكتل العربي يحتاج الى إرادة وقرار سياسيين ، وهذان لهما علاقة مباشرة بالنظام السياسي العربي ، الذي لا يعبر في الوقت الراهن ، عن العلاقة الصحيحة بين السلطة والثروة والجماهير . ومن ثم ، فإن هذا التكتل والتوحد ، وفي كل الأحوال ، مرهون بأن تكون الجماهير العربية في موقع السلطة ، حتى تمتلك الثروة .. فتمتلك قرارها الذي يمكنها من إقامة وحدتها وتكتلها .. ومن تحدى العولمة وما بعد بعدها .

الباب الرابع

قوى الفعل والتغيير

الفصل الأول : الأيدلوجيـة الـناصريـة

الفصل الثاني : الناصرية والدين .. والإسلام

الفصل الثالث : آليـات التغـيـيـر

والناصرية ، تعتبر انعكاساً وتعبيراً عن التطورات التي لحقت بالمجتمع العربي منذ بداية القرن العشرين ، وللظروف السياسية التي عاشها في ظل الحقبة الاستعمارية وحتى فترة ما بعد الاستقلال ، وهي  بذلك تعبر عن تطلعات الشعب العربي وآماله في مستقبل أكثر إشراقاً تستطيع فيه أن تتخلص من الأزمات والمشكلات السياسية ، والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها في ظل الأوضاع الراهنة .

الناصرية إذاً ، هي  بلورة لخبرة النضال العربي ، وتجسيد للآمال والأهداف التي يتطلع إليها . ومن ثم فهي  إيديولوجية الثورة العربية التي تسعى في الأساس إلى تحقيق الغاية العربية الكبرى، وهي  إقامة الدولة العربية الواحدة ذات البناء الاشتراكي والديمقراطي ، كما تجسدها دعوة الحرية والاشتراكية والوحدة .

والناصرية بهذا المعنى تستمد أصالتها كإيديولوجية للثورة العربية ، من كونها النتاج الفكري للتغيرات التي لحقت بأوضاع الحياة الاجتماعية في الوطن العربي ، فهي  خلاصة الممارسات العملية لتجربة ثورة 23 يوليو 1952 مع واقع اجتماعي واقتصادي وسياسي عربي له سمات محددة ، مازالت قائمة ومستمرة حتى الآن . كما أنها تعبير عن الدروس المستفادة من خبرة نضال الشعب العربي في سبيل التخلص من الاستعمار السياسي والاقتصادي والتخلف الاجتماعي ، طوال السنوات الممتدة منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن، حيث تتجدد حتمية هذه المواجهة مع أنماط استعمارية جديدة ، لا تقل ضراوة عن الأنماط الاستعمارية المنصرمة، إن لم تكن أفدح في عنفها وسطوتها ، حيث تميل إلى انتهاج أساليب إمبراطورية كما هو حال المسعى الإمبراطوري الأمريكي في الوقت الراهن .

إن ثورة  23 يوليو 1952 لم يكن لديها نظرية سياسية جاهزة ، فاتبعت منهج التجريب والممارسة العملية ، وقياس الخطأ ، والتصحيح . ورفضت الالتزام بعقيدة جامدة ، ولم ينهمك العمل الثوري في النظريات بحثاً عن الواقع ، ولكنه انهمك في الواقع بحثاً عن النظريات ، ومن ثم جاءت النظرية بعد ذلك ، تعبيراً حقيقياً عن ظروف هذا الواقع ومكوناته ، وتكريساً للدروس المستفادة من خبرة النضال الثوري .

أولاً : الالتزام بالأهداف الستة التي وضعتها الثورة عند قيامها

·       القضاء على الاستعمار وأعوانه من الخونة المصريين

·       القضاء على الإقطاع

·       القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم .

·       إقامة جيش وطني قوى

·       وإقامة حياة ديمقراطية سليمة

·       إقامة عدالة اجتماعية

ثانياً : القيام بدراسة التاريخ دراسة علمية تعتمد على التأمل في الماضي بما يمثله من حلقات متتابعة للتطور ،

ثالثاً : اعتماد النظرة الشاملة في معالجة قضايا التطور

رابعاً : الاعتماد على العلم في دراسة الواقع

ومنذ عام 1962 أصبحت الناصرية تمتلك الأيديولوجية الثورية التي أفرزها الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في مصر والأمة العربية

أن الأيديولوجية الناصرية، هي  مجموعة القيم والمبادئ والأفكار الكفيلة بتحقيق أمل الأمة العربية في الحرية والاشتراكية والوحدة ،

إن معارك حرية الوطن ، بتأمين استقلاله وتحرير إرادته ، وكسب الحرب ضد التبعية والتخلف ، ومعارك حرية المواطن ، بتأمين حقوقه في المشاركة والتعبير ، وغيرها من الحقوق .. هي  في الأصل معارك من أجل الوحدة

ومعركة الاشتراكية هي  معركة تحرير الوطن من الاستغلال ، وتحرير الإنسان العربي من عبودية الخضوع لاحتكارات رأس المال وسيطرته على السلطة

إن الأيديولوجية الناصرية تنظر إلى الحرية ، باعتبارها معركة نضال واحدة من أجل حرية الوطن واستقلاله ، وحرية المواطن داخل وطن ينعم فيه بالكرامة 

إن معركة الناصرية مع العدو الصهيوني في فلسطين ، باعتباره أداة للإمبريالية الغربية ، يمارس احتلالاً استيطانياً توسعياً ، كانت معركة من أجل الانتصار للحرية على الأرض العربية كلها . وهدف تحرير فلسطين والعراق هو الشرط الحاكم لنجاح المشروع القومي الناصري في الحرية والاشتراكية والوحدة . 

مقومات أساسية ارتكزت عليها الرؤية الناصرية للاشتراكية ،

·       أولاً : تذويب الفوارق بين الطبقات 

·       (1)تصفية الطبقات التي تملك ولا تعمل

·       (2) ضرورة أن يصبح العمل أساساً للقيمة الاجتماعية للفرد

·       (3)ضمان التقارب بين الطبقات

·       (4) إقرار مبدأ تكافؤ الفرص عملاً

ثانياً : الصراع الطبقي  في الفكر الناصري

تطورت الرؤية الناصرية للصراع الطبقي  عبر ثلاث مراحل

·       عام 52 – 1957 تقريباً لم يكن لدى الثورة نظرية متكاملة للصراع الاجتماعي

·       من 1957 إلى 1961 ، حيث شهد موقف الثورة الاجتماعي تطورات هامة ، عندما بدأت تفرق بين الطبقات المستغلة كالإقطاع ورأس المال ، وبين الطبقات الشعبية المستغلة كالفلاحين والعمال

·       ثم صدور ميثاق العمل الوطني ، الذي بلور النظرية المتكاملة عن الصراع الطبقي  لدى الثورة في هذه المرحلة . التي مع بدايتها ، بدأ يظهر بوضوح تصاعد الخط الثوري في رؤية الصراع الاجتماعي ، وتظهر دقة التحليل الطبقي  الذي قدمته الثورة للواقع المصري والعربي

على ضوء ذلك الفهم الناصري ، تكون قوى الصراع الاجتماعي محددة تحديداً دقيقاً وموضوعياً ، ومفروزة ، إلى قوى الثورة ، والقوى المضادة لها ، على أساس تلازم أو تعارض مصلحتها مع عملية التغيير الثوري . فقوى الثورة هي  القوى التي لها مصلحة في عملية التغيير وتضم : الفلاحين والعمال والجنود والمثقفين الثوريين والرأسمالية الوطنية غير المستغلة ، وهؤلاء يمثلون الجماهير الكادحة التي عانت ـ واقعاً وتاريخاً ـ من الاستعمار ومن الاستغلال والتخلف والتجزئة في الوطن العربي . وتتطلع إلى تحقيق أهدافها في الحرية والاشتراكية والوحدة . أما القوى المضادة للثورة فهي  قوى الإقطاع ورأس المال المستغل والاستعمار وعملائه والصهيونية العالمية . وهؤلاء لهم مصلحة في بقاء الأوضاع على ما هي  عليه من تبعية وتخلف وتجزئة ، ولهذا فهم يتصدون للثورة ولعملية التغيير الثوري ، ويحاولون إجهاض اندفاعهما نحو بناء النهضة .

والمستوى الثاني .. ويتمثل في ذلك التناقض الثانوي للصراع حيث يدور بين قوى الشعب العاملة أعضاء التحالف ذاتها . وهذا المستوى من الصراع طبيعي في ظل التنوع والاختلاف في المصالح بين قوى الشعب العاملة ، بين العمال والفلاحين، بين المثقفين والجنود، بين الرأسمالية الوطنية والعمال والفلاحين أو باقي أعضاء التحالف . وهو الصراع الذي ينبغي أن يجرى حله "سلمياً" في إطار الوحدة الوطنية وفي ظل تحالف تلك القوى وآلياته .. وعن طريق تذويب الفوارق بين الطبقات . ومن خلال تفعيل الآليات الديمقراطية وحرية الرأي والنقاش، ووضوح الفهم ، وتحديد الخطأ ، وتحديد الصواب .. والتصحيح

تعتبر سيطرة الشعب على وسائل الإنتاج ، وعلى السلطة السياسية ، من أهم مقومات وخصائص النظام الاشتراكي في الفكر الناصري 

أن تغلغل التنظيم السياسي المعبر عن تحالف قوى الشعب العامل ، وهو الإتحاد الاشتراكي العربي ، من خلال وحداته الأساسية المنتشرة في القرى والكفور والنجوع ، والحواري والأحياء الشعبية .. هذا التغلغل خلق تلاحماً بين التنظيم والجماهير

ويأتي التخطيط الشامل للاقتصاد القومي في إطار الملكية العامة لوسائل الإنتاج ولخضوعها لإشراف سلطة تحالف قوى الشعب العاملة . ذلك أنه لم يعد الربح هو الهدف الرئيسي للإنتاج، بل أصبح الهدف الرئيسي هو: زيادة الدخل القومي الناتج من العملية الإنتاجية، وإشباع حاجات أفراد المجتمع من السلع والخدمات، وذلك عن طريق تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد والإمكانيات المادية والبشرية ، وزيادة المدخرات لتوفير القدرة على الاستثمار المتزايد

: أن التخطيط الاشتراكي الكفء هو الطريقة الوحيدة التي تضمن استخدام جميع الموارد الوطنية المادية والطبيعية والبشرية ، بطريقة عملية وعلمية وإنسانية، لكي تحقق الخير لجموع الشعب وتوفر لهم حياة الرفاهة .

إن الوحدة العربية تحتل مكانة مركزية في الأيديولوجية الناصرية كمعركة شديدة الارتباط بمعركتي الحرية والاشتراكية . وقد أثبتت التجارب العديدة ، لمحاولات العمل العربي الموحد ، أن القوى الثورية العربية وحدها ، هي  القادرة على الصمود حتى تحقيق هدف الوحدة .

إن النضال من أجل هدف الوحدة العربية ، واجب وفريضة ثورية عربية . لأن مشروع النهضة العربية الذي يعطى للأمة مكانها الذي تستحقه بين الأمم المتقدمة ، لن يتحقق إلا بوحدة عربية شاملة ، إنطلاقاً من الإقليم العربي القاعدة مصر . ويمكن أن يتحقق ذلك على مسارات متتابعة ومتكاملة ، تبدأ بالتحول الديمقراطي في الأقطار العربية .. ثم خلق مجالات للتعاون والتنسيق بينها إلى أقصى حد ممكن .. مع التركيز على بروز الإقليم القاعدة ليتولى قيادة عملية التوحيد العربية ، دون إهمال لكافة الأقطار وقواها الوطنية والقومية ، بل بالتكامل معها ، خاصة تلك التي تعبر جماهير الشعب العربي العامل

الفصل الثاني

الناصرية والدين .. والإسلام

إن الناصرية من خلال الرؤية الإيجابية الواضحة والموضوعية لدور الدين ، وبالذات الإسلام، في مجتمعنا ودوره في بناء النهضة ، لا تصدر عن ممالأة لجماهير أمتنا المعروفة بتدينها الفطري العميق . وإنما وفاءً لرسالتها النهضوية في تجسيد هوية هذه الأمة العريقة ، ونفض غبار الجهل والخرافة والتحريف الذي تراكم عبر العصور ، عن أصالتها .

إن الناصرية تربأ بالإسلام وبأي دين على العموم ، أن ينحدر ليكون فصيلا سياسياً بين فصائل سياسية مختلفة أو متصارعة في المجتمع . وترى استحالة ذلك ، حتى لو ادعاه حزب بعينه . لأن الإسلام هو إرث الأمة الحضاري والثقافي ، وعنصر التكوين الأساسي في هويتها ، وهو ملك لكل أفرادها وقواها المسلمة وغير المسلمة ، المؤمنة وغير المؤمنة ، ولا يحق لأية فئة أن تدعى امتلاكه أو استخدامه ستاراً لتحقيق أهدافها الخاصة

إن أعظم ما في الناصرية .. أنها قدمت على مستوى الفكر السياسي العربي المعاصر رؤية متكاملة لربط الدين بالمجتمع وبالتقدم لمواجهة رواسب التخلف ، وعهود إغلاق أبواب الاجتهاد ، وعملت على توحيد العقل الإسلامي وإضاءة مشاعل الاستنارة فيه ، والدفاع عنه ، والاندفاع بالهوية الثقافية للأمة إلى ضفاف الصمود والتحدي .. والإبداع .

 

الفصل الثالث

آليـات التغـيـيـر

 

الآلية القومية :

هي  التعبير السياسي عن وحدة هذه الأمة، وأداتها المقاتلة ، والمعبرة بصدق عن التوجهات الأصلية والثوابت المميزة لحضارتها ، والرمز الدال على حيويتها وقدرتها على التجديد والتواصل الحضاري مع مجتمعها الإنساني . إن هذه الآلية يجب أن تكون عقائدية أي أن تكون مؤمنة إيماناً حقيقياً باكتمال تكون الأمة العربية ، وأن تلتزم بتحقيق وحدتها . كما يجب أن تكون قومية تحرص على تجسيد الأمة العربية في تشكيلاتها الداخلية ، وليس التمثيل الإقليمي . وأن تشمل أنشطتها الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه ، لا تستثنى شبراً واحداً .

وهي  يجب أن تكون تقدمية ، تحرص في غمار سعيها النضالي على الالتزام بالقوانين الموضوعية التي تحكم تطور المجتمعات . وديمقراطية ، تلزم نفسها بتبادل كافة الآراء ووجهات النظر لمعرفة الواقع ومشكلاته معرفة علمية دقيقة ، واقتراح الأساليب لمواجهتها ، والاحتكام للنظرية في حالة الاختلاف ، على أن تلتزم الأقلية برأي الأغلبية وأن تدافع عنه كأنه رأيها الخاص، وأن تحترم الأغلبية رأي الأقلية .

إن هذه الأداة لابد أن تكون طليعية ، تضم في صفوفها العناصر القومية القادرة على النضال بالفعل، حيث أن القدرة وحدها هي  الناقل الطبيعي للوعي والمصلحة ، من الخيال النظري والتمني .. إلى أن يصبحا واقعاً حياً على الأرض .

إن الآلية القومية يجب أن تتمتع بأفق استراتيجي يسمح لها بقيادة حركة التطور الاجتماعي بدءاً من القراءة الموضوعية للواقع ، إلى طرح الحلول الصحيحة لمشاكله ، مروراً بالإبداع في مجالات تحديد الأهداف والخطط واختيار الأدوات ، والتنسيق مع كافة المنظمات والمؤسسات والهيئات التي تتحمل مسئوليات العمل على اختلافها وتنوعها .

الخطوات الأولى في عملية التغيير

·       كيفية استثمار المناخ شبه الليبرالي ، الذي يوفر هامشاً صورياً للعملية الديمقراطية ، والتحرك عبر المؤسسات الجماهيرية القائمة ، مثل الأحزاب السياسية على اختلاف أطيافها الفكرية ، بل ومحاولة تأسيس أحزاب أخرى ،

·       النقابات المهنية والعمالية حقلاً خصباً للتماس مع الجماهير وخدمتها ، وأيضا إجراء بعض الاختبارات لقياس القدرة السياسية والتنظيمية

·       الحركة الطلابية فإنها قلب الأمة الذي ينبض بالحيوية ، وهي  الواعية بعمق المأساة التي تعيشها الأمة حاضراً ، 

·       أندية الفكر وجماعات النشاط الاجتماعي والرياضي وما شـابه .

·       إن مراكز الشباب وقصور الثقافة ومنظمات المجتمع المدني

إن تشكيل جبهة من عدد من القوى السياسية لمواجهة خطر يهددها جميعاً ، أمر وارد في التاريخ السياسي والنضالي لكل الشعوب والأمم . ويأتي الإقرار بالجبهة ، أو السعي إليها استجابة لحقيقة أن الخطر الذي يواجه أعضائها ، أقوى من قدرات كل منها على حده .

إن طبيعة العمل الوطني والقومي ، وحجم الأخطار التي تحيق بهما ، يفرضان اللجوء إلى تكوين جبهات العمل على كافة المستويات ، ودون إقصاء أو استبعاد أي طرف من أطراف المعادلة السياسية

إن إعلان المواقف المبدئية القومية الناصرية من كافة الأحداث الوطنية والقومية والدولية ، يؤكد وجود حركة سياسية فاعلة في الواقع، تتابع المتغيرات، وتتعامل معها بموضوعية

إن العصيان المدني يعتبر أحد أشكال الاحتجاج الجماعي الجامع للجماهير ، ومن الممكن تطويره إلى انتفاضات جماهيرية . وحتى يكتسب قدرة مؤثرة ، لابد أن تتوفر لقيادته وتنظيمه قوة سياسية غالبة وفاعلة وقادرة .. أو جبهة عمل وطنية أو قومية .

إن التيار القومي الناصري ، هو رصيد الأمة للنضال ، ورهانها إلى المستقبل . وهو المرشح لأن يعيد تحريرها من قبضة المنظومة المعادية لها في الداخل والخارج ، وأن يعيد الانطلاق بمشروعها النهضوي العربي الناصري إلى آفاقه الكبرى في الحرية والاشتراكية والوحدة . وسواء كانت آليته لتحقيق ذلك معبرة عن قواه الأساسية التي هي  تحالف قوى الشعب العاملة صاحبة المصلحة الحقيقية في الثروة والسلطة .. أو كانت تلك الآلية تعبيراً عن جبهة قومية ، فإن عظم الأهداف ونبلها .. وضرورتها ، يحتم الإبداع في ابتكار الآليات الرئيسية والفرعية والنوعية والجغرافية ، وخلق التنسيق بينها من أجل إدراك أهداف النضال العربي .. في أقصر مدة ممكنة ، تعويضاًً للهدر الذي حاق بالأمة ، إن في الزمن أو في الموارد والطاقات .

 

 

 

 

 

 

 

 

المصطلحات

1.    الوثائق الناصرية ( فلسفة الثورة – الميثاق الوطني – بيان 30 مارس – خطب عبدالناصر - )

2.    تحالف قوي الشعب العامل ( عمال – فلاحين – مثقفين – جنود – رأس مالية وطنية )

3.    التيار الناصري ( القوي الناصرية في المجتمع في النقابات والمصانع والمزارع واعضاء منظمة الشباب الناصري – المفكرين الناصرين – الحزب العربي الناصري – حزب الوفاق – حزب الكرامة – المحامين الناصريين – اعضاء المؤتمر الناصري العام – لجنة تخليد عبد الناصر – حزب مصرالعربي الإشتراكي )

4.  الأمن العربي : يعني امن جميع الدول العربية ابتداء من الدول العربية المطلة على الخليج العربي شرقا،إلى الأرض المغربية على ساحل المحيط الأطلسي غربا ،ومن السواحل الشمالية للجمهورية العربية السورية شمالا ،إلى الأرض السودانية في عمق القارة الأفريقية جنوبا .وتعد هذه المنطقة، من وجهة النظر الاستراتيجية، أهم منطقة إقليمية، في مجال الأمن العالمي.

5.  الأيديولوجية : هي العقيدة السياسة لحزب أو حكومة وهي مجموعة المبادئ السياسة والاقتصادية والاجتماعية والقيم الأخلاقية التي ينتهجها حزب أو حكومة حتى يستعان لتحقيقها وتنفيذها بالترغيب والإكراه والسير على هداها في الحاضر والمستقبل وتتميز بطابعها العلماني.

6.  البيروقراطية   : هذه الكلمة مشتقة من كلمة فرنسية ""bureau ومعناها “مكتب"، وكلمة يونانية "kratos" ومعناها "السلطة والحكم"، ولذلك يمكن تعريف البيروقراطية بأنها: السيطرة والنفوذ الواسع اللذان تتمتع يهما الإدارات العامة في الدولة، حيث يتمسك موظفو الحكومة بالروتين، الذي يتميز بالشكليات والرسميات والتفاصيل الجزئية المعقدة.

7.  التخطيط قصير المدى  : يقصد به التقسيم المرحلي لخطة متوسطة المدى، على عدد محدد من سنوات هذه الخطة، بحيث يعين لكل مرحلة من مراحلها خطة سنوية، تعتمد على الاستقراء الدقيق للموارد الخاصة بها، وتعبئة هذه الموارد، وتعيين أوجه استثماراتها الجديدة، أو تلك التي قيد التنفيذ. وتبدو أهمية هذا النوع من التخطيط العام، على أساس سنوية الخطة، في إمكانية الربط بينها وبين الميزانية الاعتبارية للدولة، ومن ثم ضمان التنفيذ ودقته، في مختلف قطاعات الاقتصاد القومي.

8.  الخصخصة : عملية نقل ملكية المشاريع أو أسهم الشركات من ملكية الدولة وسيطرتها إلى الملكية والسيطرة الخاصتين .

9.  الدستور : هو مجموعة القوانين والمبادئ، التي على أساسها تُحكم الدولة، إذ تُحدد هي سلطات الحكومة وواجباتها، وتتضمن حقوق الشعب.

10.الديماغوجيا  : كلمة يونانية تعني شعبا أو قائدا أو سياسيا متلاعبا، وهو مصطلح يدل على التقييم الأخلاقي السلبي لنمط من الأفعال والتصرفات التي تشكل لونا من الرياء والنفاق في السياسة والتي تهدف إلى الاستحواذ على وعي الجمـاهير باسم أغراض أنانية وتتم عادة باستخدام وسائل الأخلاق، و من بين أهداف الديماغوجيا الوصول إلى السلطة واكتساب الشعبية لدى الجماهير، وتحقيق المآرب الأنانية الطبقية والشخصية،المتاجرة بمصالح الجماهير وتطلعاتها، واللجوء إلى البواعث الوضيعة والرواسب المتخلفة لدى الناس، وخلق الإيمان الكاذب بالإخلاص للشعب، إن القاعدة الاجتماعية للديماغوجيا هي وجود طبقات مستغلة تمارس سيطرتها على الكادحين ليس بوسائل العنف المباشر بطريق الخداع السياسي في أثناء الحملات الانتخابية، وفي الدعاية اليومية، وتنظيم انتفاضات جماهيرية رجعية، أو مضادة للثورة، والأعمال التخريبية ضد الحركات الثورية والتمردية.

11.الديمقراطية :  كلمه مؤلفة من كلمتين:"ديموس" أي الشعب ، و" كراتوس "أي السلطة، ومؤداها أن الشعب يتولى حكم نفسه ،وأنه مصدر السلطات ،ولما كان يتعذر على الشعب أن يمـارس الحكم مباشرة، فإن سلطتـه تتجلى في انتخاب ممثلين له، بالاقتراع العـام السري، وفي فترات زمنية محددة، ليتولوا مزاولة الحكم خلال مدة معينة، وفقا لأحكام الدستور. على أن يراقبهم بعد اختيارهم، ولاسيما القائمين منهم بالتشريع؛ وبما أن إجماع الشعب مستحيل، خاصة في القضايا السياسية، فإن حكومة الشعب أصبحت تعني عملياً "حكومة الأغلبية".       

12.الراديكالية أو الراديكالي  : يمكن ترجمة هذه الكلمة إلى العربية بـ (الجذري) نسبة إلى جذور الشيء. والجذريون أو الراديكاليون هم الذين يريدون تغيير النظام الاجتماعي من جذوره. ويطلق تعبير الراديكالية اليوم على المتطرفين نحو اليسار غالبا، ونحو اليمين أحيانا قليلة، وقد أصبحت كلمة (راديكالي) تعبر الآن عن أي إصلاح أساسي من الأعماق والجذور.  

13.         الطبقية : ظاهرة أساسية في تركيب المجتمع الإنساني وانقسامه إلى طبقات، بحيث يتكون لدى كل طبقة منها وعي خاص بها حيال الطبقات الأخرى. هناك طبقية بعامل الولادة، أو المهنة والتربية والثروة                                                 


ليست هناك تعليقات

نرحب دائما بتعليقاتكم