المؤتمر الناصري العام : المقاومة سبيل وحيد لمغالبة التحديات التي تهدد وجود الأمة
بيان الأمانة العامة للمؤتمر الناصري العام
في هذا الوقت العصيب الذي تمر به أمتنا العربية تجد
الأمانة العامة لزاما عليها أن تتوجه بهذا البيان لأعضاء المؤتمر ولشعبنا العربي
في كل الساحات.
ندرك جيدا أن الوقت لم يحن بعد لإعطاء تقييم نهائي
وموضوعي لما يعتمل في المشهد السياسي من صراعات وما يشتعل من معارك نظرا لغياب
العديد من المعلومات الجوهرية وعدم اليقين والالتباس الذي يحيط بما يتم تداوله من
معطيات وإلى أن تستوفى أشراط الإفصاح عن تقييم شامل للأوضاع الراهنة فإن الأمانة
العامة ترى من واجبها التأكيد على أن التضحيات الجسام التي قدمتها الأمة العربية والتحديات
المتعاظمة التي تواجه نضالها ضد أعدائها دفاعا عن مقدراتها ومستقبلها تستدعي إبداء
أكبر قدر من الحرص على تجنب كافة الممارسات التي من شأنها تعميق هوة الخلافات
السياسية بين مكونات التيار الناصري والتي بلغت حدا يصعب القبول به أو غض الطرف عن
خطورته وفداحة الخسائر التي أوقعها بالحركة الناصرية وسمعتها النضالية.
إن جانبا كبيرا من تلك الخلافات يعود لحدة الاستقطاب
السياسي الذي ترعاه أطراف دولية وإقليمية منتعلة فيه كل أساليب التضليل المعلوماتي
والحث الطائفي بل وشراء الولاء بالمال مما أوجد بيئة ملوثة بالمعلومات المصطنعة والتحليلات
المغرضة تضاربت معها المصالح وارتبكت الأولويات حتى صارت التناقضات الثانوية تحتل
مرتبة الرئيسية وأرجئت مواجهة الأعداء الأصليين لحين تصفية التناقضات الثانوية
ووجد البعض نفسه يتبنى شعارات ومقولات الأعداء التاريخيين للناصرية والمنكرين
لحقيقة الوجود العربي بل ويقاتل في خنادقهم.
وقد بات واضحا منذ السابع من أكتوبر(تشرين) 2023 م أن هوة الخلافات قد اتسعت بقدر ما اقتربت الولايات المتحدة الأمريكية وأداتها الصهيونية من تحقيق إنجازات حاسمة فيما يتصل بالتصفية النهائية للقضية الفلسطينية وابتلاع كامل أرض فلسطين التاريخية وكذلك تنفيذ الخطط المعلنة عن إعادة هندسة الخرائط الجيوسياسية لإنشاء ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد.
لقد باتت الدول الوطنية في
منطقتنا عرضة أكثر من أي وقت مضى ليس فقط للاحتلال الفعلي من قوى الاستعمار الجديد
بل وأيضا للتقسيم إلى كيانات دون وطنية تعود بالوطن العربي لقرابة خمسة قرون إلى
الوراء.
يحدث ذلك فيما يتجاهل البعض ليس فقط الحقائق الأساسية
لوجود الأمة أو تاريخها المشترك بل ويغفل عن الصلة الوثيقة بين الصراعات في
المنطقة وبين الصراع العالمي المحتدم للسيطرة على الموارد والأسواق وطرق المواصلات
وسائل الاتصال والصدام الهائل حول مستقبل النظام الدولي.
إن لحظات الخطر الداهم هي دوما الفارقة في تاريخ الأمم
الحية فإما أن ترتقي لمستوى التحديات التي تواجهها أو تتلاشى وتندثر تحت وطئ خطوها
الدامي الثقل.
وليس هناك لحظة نحتاج فيها لوحدتنا بقدر تلك اللحظات
التاريخية الحاسمة في وجود الأمة العربية فالأمر جلل بما يستوجب تأجيل تصفية
الخلافات والتوقف عن المكايدات النزقة والتراشق اللفظي وتبادل إلقاء التهم على غير
هدى.
إننا نعاين المذابح التي يرتكبها العدو الصهيوني في
فلسطين ولبنان وسوريا وإعلانه بجلاء رفضه لحل الدولتين وعزمه على إجلاء
الفلسطينيين عن أراضيهم وأخيرا احتلاله لأراضي سورية وعزمه ضمها مع هضبة الجولان
بشكل نهائي لكيانه العنصري ولا يمكن لعربي أن يقبل بذلك أو يغض الطرف عنه تحت أي زعم
وبأي ذريعة كانت.
إن المؤتمر الناصري العام ليعيد هنا تأكيده على الثوابت
التي يجدر بها أن تكون الأرضية المشتركة الصلبة للعمل الناصري في هذا التوقيت البالغ
الحرج من تاريخ أمة العرب:
أولا: أن شيئا لم يتغير في تسمية أعداء أمتنا وتعيينهم
في الإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والعدو الصهيوني ولا
يقبل المؤتمر أي تعديل لهذا التوصيف.
ثانيا: إننا ندين ونشجب أي استخدام لمفردات طائفية قولا
وفعلا لأن فيها تحقيق لمخططات أعداء الأمة العربية التي تغذي أسباب الفرقة بين
مكونات أمتنا تحت مزاعم دينية أو طائفية أو عرقية وجهوية.
ثالثا: إن المؤتمر الناصري العام يؤكد على رفضه كافة أشكال التمويل أو التبعية، أو أي محاولة لاستتباعه تحت أي ذريعة.
رابعا: إن المقاومة هي السبيل الوحيد لمغالبة التحديات
المصيرية التي تهدد وجود أمتنا العربية ويؤيد المؤتمر كل جهد مقاوم للاستعمار
والصهيونية وعملاء الاستعمار.
خامسا: ان المؤتمر الناصري العام يسعى لتوحيد رؤية
الناصريين تجاه قضايا الأمة العربية عبر الحوار البناء وتنسيق العمل الناصري في
الساحات المختلفة دون إملاء أو إهدار لأي من قواعد العمل الديمقراطي.
تلك الثوابت التي ارتضاها أعضاء المؤتمر عبر السنوات
الماضية تمثل نقاطا للتلاقي بين مكونات التيار الناصري وبين القوى الوطنية
والتقدمية في ربوع الوطن العربي لاسيما في تلك الفترة التي تشهد توسعا جنونيا
ووحشيا من العدو الصهيوني الذي يريد ليس فقط الاستيلاء على كامل الأرض التاريخية
لفلسطين وطرد أهلها منها بل واحتلال "أرض الميعاد" المزعومة وما هجماته
الأخيرة في لبنان وسورية إلا مقدمات لعدوان شامل تحبذه وتدعمه وتؤيده الإدارة
الأمريكية الآفلة والقادمة بكل سفور.
إن الأمانة العامة وهي تستعد لدورة الانعقاد الجديدة في
مطلع العام القادم تدعو كافة الساحات للعمل من أجل أن يخرج الاجتماع القادم برؤية
أكثر وضوحا وشمولا عبر تبادل للآراء والرؤى والمعطيات خلال ما تبقى من الوقت قبل
هذا الانعقاد.
المجد لأمتنا والخلود للشهداء
وعلى طريق الحرية والاشتراكية والوحدة
الأمانة العامة
المؤتمر
الناصري العام
الأمة العربية تعيش لحظة فارقة تتطلب رؤية واضحة في تحديد وتوصيف العدو متمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وأدلتها العسكرية دولة الكيان الصهيوني، وهو ما يتطلب عملا جادا ودؤوبا.. في وحدة الرؤية والرسالة والاداة،
ردحذف