متاح الآن

الذئاب المنفردة للإرهاب !

 



بقلم د. رفعت سيد أحمد

الآن وقد مضي علي  بدء الربيع العربي  ما يقترب من عقد ونصف ..حيث نحن الان علي أبواب العام 2025  ..نحتاج إلى تأمل وبصيرة ليس للحدث فى ذاته ولكن لظاهرة (الذئاب المنفردة والجماعية ) التي اختطفت أشواق الاصلاح التي أتي بها هذا الربيع وتحول بها الي ( خريف ) الي الحد الذي يسميه البعض تهكما  ب (الربيع العبري وليس العربي !!) لدلالاته، واحتمالات تكرار الاختطاف من قوي إقليمية ودولية معروفة  وتصبح تلك (الذئاب ) حقيقة ماثلة تحتاج لمن يكشفها ويمنع تجولها في بلادنا العربية المبتلاة بها .و(الذئاب المنفردة )هم أولئك الارهابين من جماعات العنف الديني  المنتشرين  والمختبئين والذين يمثلون (خلايا  نائمة) سرعان ما تستيقظ وتفرض إرهابها ومطالبها الفوضوية علي الجميع ! كما يجري الان-تحديدا- في سوريا حين تنطلق تلك الذئاب المنفردة والجماعية بإسم الدولة السورية والثورة والديمقراطية وغيرها من الاشياء المضحكة  وهي بالاصل ليست سوي سراب وتفكيك للدولة وفوضي وهذة الذئاب  ليست سوي  (ادوات لاجهزة مخابرات دولية ) وليست (جماعات وطنية أو إسلامية ) وتاريخها يؤكد ذلك ولعل موقفها من الابادة الجماعية  التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي ضد غزة من 7-10-2023 وحتي اليوم وعدم إطلاقها لطلقة واحدة ضد الاحتلال يؤكد عمالتهم بشكل قاطع ! ..،بوجه عام ماذا عن (الذئاب المنفردة )؟ دعونا فى هذا الصدد نسجل ما يلى:

فأولاً : تعد جماعة الاخوان الارهابية( الخيمة الكبري) لكل تنظيمات العنف الديني في بلادنا علي عكس ما يروجون .إن جماعة الاخوان  خلقت تنظيم داعش الذى بدأ فى العراق (2004) ثم انتقل إلى سوريا (2011) وهو يستند فى مرجعيته الفكرية (وهى هنا الأهم لفهم سلوكه المستقبلى) إلى فهم منحرف للدين، مستمداً من كتب ومراجع بعضها يصل إلى خوارج (زمن الصحابة) ويمتد إلى سيد قطب وشكرى مصطفى ومن ناظرهم فى بلاد الشام

***

ثانياً : ينبغى للمراقب أن يتوقف ملياً أمام المعلومات التى تقول أن الاجهزة المخابراتية الخارجية كانت لديها علم مسبق بكافة  الأحداث الإرهابية التي قام بها –ويقوم بها– تنظيمات الاخوان والدواعش وذئابهم المفردة  سواء في أوربا أو في شرقنا العربي، وأن المعلومات –علي سبيل المثال لا الحصر- التى أعطاتها تلك الاجهزة الغربية والموساد الاسرائلي  لفرنسا -تحديداً عام 2015 -بشأن صحيفة (شارل أبدو )هى التى سهلت إلقاء القبض على العناصر الهاربة من الذئاب المنفردة فى  تلك العملية ،وغيرها من عشرات  الاعمال الارهابية التي تمت في الغرب وفي شرقنا العربي وبخاصة في (العراق وسوريا ) وهنا تثار العديد من التساؤلات حول التداخل التنظيمى والوظيفى  بين أجهزة المخابرات الغربية  والاقليمية(وتحديدا الاسرائيلية ) وبين  جماعات الإرهاب الدينى وتحديداً داعش، وكيف أن العلاقات والاختراقات بينهما واضحة وقوية، وحتى لو لم تكن قائمة بالمعنى المباشر للكلمة فمن المؤكد أن أكبر المستفيدين من دور داعش فى المنطقة هو إسرائيل والتى ربحت حتى الآن مكاسب عديدة أبرزها استنزاف الجيوش العربية  ومحاولة إشغال الحكومات العربية بالداخل وبحالات الدم التي تصاحب ظاهرة (الذئاب المنفردة ) وغيرها !.

إن المطلوب من صناع القرار فى بلادنا العربية أن ينتبهوا أو يبحثوا ويتأملوا جيداً الدور الخفي لاجهزة المخابرات الاقليمية والدولية مما جرى، وفيما سيجرى من إرهاب داعش فى المنطقة والعالم، فالعدو-فى تقديرنا – واحد ومتداخل الحلقات والأدوار .

***

ثالثا : إن ما يسمى ببقايا التيار المتشدد فى بلادنا العربية وتحديدا (مصر ) لاتزال لديه ذات الفتاوى التكفيرية التى لدى داعش وأخواتها، فقط جزء من أعضاء هذا التيار المتشدد لا يحمل السلاح ولكنه يحمل الفكر الذى يبرر حمل السلاح واستخدامه، هذا التيار مطلوب مواجهته وبقوة عبر الدعوة الوسطية أولاً، وعبر كشف مصادر تمويله وتفكيره الخطرة الآتية إلينا من الصحراء، هذا الفكر أخطر من القنبلة، وإذا تمكنت الدولة والأزهر الشريف – فى قلبها – من مواجهته فإن 80% من هزيمة جماعات الارهاب في بلادنا العربية ، ستكون ممكنة ومؤكدة .

***                                                                                        رابعا: بالتأكيد لا شماتة فى الموت، وهذا الإرهاب الجبان، ضد الأبرياء والمدنيين مرفوض تماماً، ولكن علينا أن نتأمل جيداً، ما جرى ويجري في الغرب ، فهذه التنظيمات صنعتها أجهزة مخابرات غربية وإقليمية  تمويلاً وتدريباً باسم أنهم من (الثوار) ضد الانظمة الحاكمة وضد الشعوب العربية ، ولكن ما لا تعلمه تلك الأجهزة أن هؤلاء الإرهابيين ليسوا ثواراً، وإنهم بلا صديق، وبلا سقف سياسى أو دينى، إنهم عدميون فى السياسة، وفى الدين، وهذا هو الخطر، إن المنطق والعقل يتطلب الآن المواجهة الواسعة والعاقلة لهذه التنظيمات التى تسئ أول ما تسئ إلى الإسلام،   والي جوهر التسامح الذي يحمله هذا الدين العظيم ،  والي القيم الانسانية الخالدة التي يدافع عنها  العالم أجمع :شرقه وغربه ..وهم لا يستهدفون دولة بذاتها بل يستهدفون منظومة القيم التي تحملها تلك الدول بناسها ومثقفيها ، إن هذة الجماعات الارهابية تمثل نموذجا للفوضي المحمولة علي أسنة الرماح ..وهي ظاهرة موجودة في كل دين وفي كل بلد وليس فحسب في البلاد العربية والدين الاسلامي ..لانها ببساطة ضد الانسان ذاته وضد البشر . علينا جميعا أن نقاتلها أيا كان لونها ومذهبها .. وذلك قبل أن تتحول (الذئاب المنفردة) إلى (ذئاب جماعية) مرعبة ومعادية للحياة، ولكل ما هو راق وسام فى عالمنا. والله أعلم .   

 

ليست هناك تعليقات

نرحب دائما بتعليقاتكم