تفاصيل مروعة من غزة : تجربة الذكاء الاصطناعي في جرائم الإبادة بحق أطفال غزة..!
أحمد خميس المصري* يكتب للمؤتمر من غزة
محام ومستشار قانوني وناشط مجتمعي
على مدار سنوات عديدة تميزت إسرائيل في استخدام أحدث أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا، للنيل من أرواح الفلسطينيين. هذا التميز لم يكن ليحدث لولا جسر الدعم الأمريكي الدائم لها. هذا الدعم كان له ضحايا بالملايين من أرواح العرب، بداية من حرب 1948، مرورًا بنكسة 1967، والمجازر التي ارتكبت عبر عدة جبهات: الفلسطينية والمصرية والسورية واللبنانية والأردنية، وكلها لا تخلو من أبشع المجازر بحق الدم العربي.
ومع ذلك، الدعم الأمريكي امتد إلى مجال التكنولوجيا الحديثة، ومنها تفوقها فيما يعرف بخلق برنامج الذكاء الاصطناعي. هذا الذكاء التكنولوجي، لم أكن لأتصور أن يتم التعامل من خلاله مع الأرواح كلعبة في عالم التكنولوجيا المرعب. هذا العالم الذي جاء على هيئة ما يعرف بالذكاء الاصطناعي، هذا المسمى البريء من وجهة نظري، ما هو إلا كلمة حق يراد منها القتل والإبادة ليس إلا.
قبل أيام، في تحقيق صحفي لصحيفة هآرتس العبرية، تم نشر خبر مفاده "استخدام منظومة الذكاء الاصطناعي في اغتيال المقاومين في غزة". صدقًا، للوهلة الأولى، لفت انتباهي التحقيق، فذهبت للخوض في تفاصيله لأعرف كيف ذلك..؟
الحقيقة التي أدخلتني في حالة من الهذيان، حينما أكد التحقيق على لسان عناصر من شعبة الوحدة 8200، وهذه وحدة مختصة في الشأن التكنولوجي (التجسس عبر الأجهزة الخلوية، متابعة منصات التواصل الاجتماعي، جمع المعلومات على الصعيد العربي)، أنه بداية الحرب على قطاع غزة، تم تفعيل خاصية الذكاء الاصطناعي في تحديد المطلوبين ووضعهم تحت لوحة الاغتيال. وذلك من خلال المسح الذي حصل لمعظم سكان قطاع غزة، عبر بطاقات الهوية الشخصية. وبمجرد تحديد مكان تواجد الشخص المطلوب، سواء كان بين أطفاله أو في تجمع بشري، أو أي منطقة تدل على وجوده، فيتم استهدافه دون الاكتراث لمن معه.
التحقيق يضيف أنه تم تضمين معلومات خاطئة من برنامج الذكاء، ورغم علم المشغل للبرنامج بذلك، كان يتم التعامل مع الخطأ وكأنه الصواب ذاته، لأن الغاية هي القتل والإبادة الجماعية. هذا الواقع فرضه الذكاء الاصطناعي حتى تاريخه.
السؤال الذي يدور في الذهن…
رغم الحقائق الساطعة، والأرقام العجيبة من الضحايا في غزة، هل يمكن لمنظومة العدالة الدولية ممثلة بالمحكمة الجنائية الدولية، أن تكون أكثر جرأة وتصدر قرارها بمنع تداول برنامج الذكاء الاصطناعي في المجال الاستخباري العسكري، وخاصة لدى الدول ذات السمعة السيئة في استخدام هذه المنظومة، وأقصد هنا إسرائيل..؟
ولم يقف سؤالي عند هذا الحد، بل هل يمكن استخدام مثل هذا التحقيق كدليل يضاف لعشرات الأدلة والقرائن على ارتكاب الكيان جرائم إبادة جماعية، وتطهير عرقي أمام ذات المحكمة؟
أنا هنا أضع الأسئلة برسم الإجابة، وإن كنت على يقين أن العدالة الدولية ترى بعين من زجاج، والزجاج في هذا الزمن يسهل كسره. ولكن نكتب لأن التاريخ لن يرحم. وعاقبة الصمت على دماء الأبرياء، لا تمحيها شارات اللون الأسود في ميادين القمم والمؤتمرات.
ليست هناك تعليقات
نرحب دائما بتعليقاتكم