مرحلة سياسية طويت
بقلم صلاح بسيوني*
انهزم البعث في سوريا كما انهزم في العراق. مرحله سياسية في تاريخ الأمة طويت, لها ما لها و عليها ما عليها . لا ننكر ان البعث كفكر سياسي برساله سامية انطلق في مرحلة سياسية حرجه مر بها المجتمع العربي بعد انهيار الدولة العثمانية اوائل القرن الماضي . الدارس لتاريخ الحزب وسياساته العامة وممارساته الميدانية يستطيع ان يتوقع المصير الذي وصل اليه . مغانم السلطة المطلقة عززت الفساد, عطلت العقول وروضت الانفس , افقدته الروح الثورية ... سقط البعث بايدي رجاله اولا واخيرا. سقط البعث قوميا ً في مؤامرة الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة, وسقط البعث نظرياً بعد ان فشل في بناء الدولة النوذج. سقط البعث في امتحان الحريات سقط يوم تجمد انتاجه الفكري لصالح التبخير و التطبيل لحكم الفرد وتغييب العمل الجماعي .سقط البعث يوم انتهج القطرية البغيضة في سوريا و العراق ولم يجترح قادته حلا قوميا للصراع بينهم. هذا الصراع الذي اثر سلبا على حركة الصراع العربي – الااسرائيلي وحركة النضال القومي بشكل عام.
من جهه ثانية لا ننكر ان البعث حقق بعض الانجازات والمكتسبات الشعبية كمجانية و قومية التعليم والخدمات الطبية والتقديمات الاجتماعية و الخدمية الرخيصة , الا ان كل هذا لا يساوي نقطة من بحر المكتسبات الذي حققته طبقة السلطة السياسية وزبانيتها من الراسماليين و العشائريين و الطائفيين اللذين شكلوا طغمة اجتماعية فاسدة مرعبة طوعت مؤسسات الدولة لخدمة مصالحهم, حتى باتت اي محاولة اصلاح مستحيله حتى لوكانت عند بعض البعثيين أمنية يجب تحقيقها. كل هذا الفساد فتح ابواب بغداد و دمشق امام التدخلات الخارجية وثقبا خطيرا في جدار الامن القومي توسع الى حد الانهيار الكبير.
الضجيج السياسي و الاعلامي , احتفاء بالحدث السوري لا ينفي ان ما حصل في سوريا خطر جدا . بعد سنة ونصف من المشاهد المرعبة في فلسطين و لبنان و السودان و اليمن, قبلها العراق و ليبيا و الصومال . اليوم سوريا وربما غدا مصر و بلاد الحجاز و الجزائر..اسرائيل تعبث في المنطقة طولا و عرضا.. لا ننكر ان من حق الشعب السوري الذي عانى ما عاناه من ظلم النظام السياسي و الامني , ان يتنفس الصعداء وينعم بالحرية والامان وان يحلم في تاسيس نظام سياسي ديمقراطي قائم على وحدة الشعب و الارض و المؤسسات. حق الشعب السوري العودة الى ارضه بعد تهجير قسري تعرض له نتيجة الظلم و الخوف والفوضى.
أسئلة كثيرة مطروحة الان امام الجميع , اي سوريا ستكون غدا ؟؟ اي عقول ستديرها ؟؟ في اي فضاء اقليمي ودولي ستسبح فيه نجوم التغيير بهويتهم الملتبسة ؟؟ من حق الشعب السوري ان يسأل بعد الهرج و المرج ما مصير الجغرافيا السورية ؟؟
من حق الشعب العربي في فلسطين ولبنان و الاردن و العراق ان يسال ماذا بعد الحدث السوري؟؟ خاصة ان بلاد الشام تشمل كل هذه الاقطار وبقاسم مشترك من الهلهله و الهشاشة والتيه. المفارقه ان النخب السياسيه في هذه الاقطار اسلامية كانت ام قومية او قطرية , اشتراكية كانت ام ليبرالية متفقه على ان هناك ثمة مشروع تفتيتي تديره امريكا ومن خلفها اسرائيل في المنطقة , ومن المؤكد ان الادارة الاميركية الجديدة لها برنامج استعماري جديد يعزز نفوذها في هذا العالم , وان القوى الاقليمية ( ايران و تركيا واسرائيل واوروبا ..) تبحث عن حصة لها في الكعكه العربية الدسمة المملوءة بالخامات و الثروات و السوق الكبير و الموقع الجيوسياسي المميز وسط هذا العالم الكبير.النخب السياسية العربية تقف عاجزة او منخرطة في المشروع دون رؤية واضحه , تعيش الاوهام التي قد تطول قرناً كاملاً .
... أخيراً كل ما بقي من حركة البعث تجربة يؤخذ منها الدروس والعبر...
ليست هناك تعليقات
نرحب دائما بتعليقاتكم